التسيير والتقنيات الحضرية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التسيير والتقنيات الحضرية
التسيير والتقنيات الحضرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنطقة المتخلفة-جزء2-

اذهب الى الأسفل

المنطقة المتخلفة-جزء2- Empty المنطقة المتخلفة-جزء2-

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء يناير 04, 2012 1:51 am

شجع أصحاب العقارات على حشد العديد من الأسر في مثل هذه المساكن التالفة.
4- الظاهرة المعمارية:
تتضح سلبية المظاهر المعمارية في الأخطاء التي ارتكبت أثناء التصميم والتخطيط في بناء المدن، وذلك بما فيها من أخطاء في شبكة المواصلات أو التجهيزات العامة أو في تصميم الأبنية وتجهيزاتها الداخلية أو الخارجية، وبذلك فإن الأخطاء المعمارية كانت ولا زالت عاملا في نشأة المناطق الحضرية المتخلفة.
5- العوامل السياسية:
كان لتطبيق بعض القوانين الإدارية والأوامر السياسية والأنظمة الاقتصادية الغريبة دورا كبيرا في حدوث التخلف الذي عانت ولا زالت تعاني منه المناطق الحضرية المتخلفة وهذا من جراء القوانين القديمة التي لها مثلا علاقة بتحديد ملكية الأرض وكيفية إدارتها والتي تتوفر في ظلها أدنى متطلبات الحياة.
6- العوامل الاجتماعية:
ويرى "فورد" علاوة على العوامل السابقة أن هناك عوامل اجتماعية تؤدي إلى ظهور المناطق الحضرية المتخلفة، منها سمعة المنطقة التي ينشأ فيها الحي المتخلف، فإذا كانت المنطقة ذات سمعة سيئة ابتعد عنها أصحاب الدخول العالية وبالتالي تصبح من نصيب أصحاب الدخول المنخفضة، وأن تفضيلهم لتلك المنطقة على غيرها من مناطق المدينة هو الآخر سبب من أسباب ظهور المناطق الحضرية المتخلفة.
بعض الدراسات التي تناولت المناطق الحضرية المتخلفة بمدن العالم الثالث
لقد أكد الدارسون والباحثون في مجال الدراسات الحضرية للمناطق الحضرية المتخلفة أنها أكثر انتشارا في مدن العالم الثالث، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تعرضت هذه الدول إلى نمو حضري مكثف ترجع أسبابه إلى زيادة النمو الطبيعي للسكان من ناحية، وتحسن الأحوال المعيشية والصحية من ناحية أخرى،
إضافة إلى ارتفاع معدل الهجرة من الريف إلى المدن، وهذا بسبب عوامل الطرد النابعة من نوع الحياة السائدة في الريف، والتي تدفع بسكانه إلى الهجرة إلى المراكز الحضرية والمدن الكبرى، ويقابلها من الجانب الآخر عوامل جذب نابعة من طبيعة الحياة الحضرية، والتي من خلالها يتم استقطاب سكان الريف نحوها.
ومن ثم تصبح مدن العالم الثالث غير قادرة على مواجهة المتطلبات الضرورية لجميع السكان فيلجأ الكثير من الناس إلى الإقامة في مناطق سكنية متخلفة أساسا، أو إقامة أحياء متخلفة على شكل أكواخ وعشش، تنعدم فيها جميع شروط الحياة الحضرية.
نأخذ هنا مثالين من قارة أفريقيا ( مصر، الجزائر):
أولا: مصر:
إن جمهورية مصر العربية أعطت اهتماما متزايدا للمعرفة والكشف عن معالم هذه المناطق الحضرية المتخلفة، وذلك من خلال العديد من الدراسات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بها.
وتعتبر مصر بذلك الرائد والسباقة منذ الخمسينات في هذا المجال بالنسبة لبقية الدول الأفريقية، وذلك من خلال الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية، حيث تمكنت من إجراء دراسات مسحية تناولت مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لسكان المناطق الحضرية المتخلفة، ولم تتوقف هذه الدراسات، بل هي ما زالت مستمرة على مستوى الأحياء المتخلفة لمدينة القاهرة الكبرى.
ومن خلال بعض الدراسات التي قامت بها الجمعية في أحياء القاهرة كشفت بأن هناك فرق كبير بين كثافة السكان في حي"باب الشعرية" وبينها في"مصر الجديدة" إذ تبلغ في الأول أكثر من 12 ألف نسمة في الكيلو متر المربع الواحد، في حين أنها تتعدى 3 آلاف نسمة في الحس الثاني، وهذا على الرغم أن مباني مصر الجديدة، أكبر وأكثر ارتفاعا من مباني حي باب الشعرية.
وتوصلت بذلك الجمعية أنه من خلال تعداد السكان العام 1960 إلى أن متوسط ما يخص الأسرة في أحياء مثل باب الشعرية وبولاق والجمالية أقل من غرفتين،
وظهر من ذلك أن الازدحام يشتد في المناطق الحضرية المتخلفة، ويقل في المناطق الحديثة.
وفي دراسة قام بها "حسن الساعاتي" 1961 لمنطقة باب الشعرية توصلت إلى أن أهم الخصائص العمرانية لهذه المنطقة هو شدة كثافة سكانها، ومعاناتها الازدحام، وأن أغلب مشاكلها تنحصر في ارتفاع نسبة الإيجار، وقلة المرافق، وقذارة الشوارع وانتشار الحفر، والورش الحرفية التي تقلق راحة السكان، وانعدام مياه الشرب الجارية في كثير من المساكن، والتي تصل إلى 5/1 المساكن بدون دورات مياه تقريبا، هذا بالإضافة إلى كثرة الخرائب الداخلية، وعلى أن نصف المباني قديم.
وتعاني مدينة القاهرة الكبرى، وغيرها من المدن المصرية ظاهرة المناطق الحضرية المتخلفة التي تنتشر في داخلها أو حولها، وتتميز هذه المناطق بارتفاع الكثافة السكانية، كما تتميز بخاصية شدة الازدحام داخل المساكن، وأن أغلب أنماطها غير قادرة على التحمل أكثر مما هي عليه.
وقد أكدت الإحصاءات أن العمران في مصر يشتمل على وحدات سكنية مبنية من الطين بلغت 653 ألف وحدة سكنية، وأن 16 ألف وحدة من مواد البناء الأخرى كالقش والصفيح والخشب، وتشكل هذه الأبنية نسبة 30% من مجموع مساكن الحضر في مصر.
هذا بالإضافة إلى نقص واضح في الخدمات والمرافق العامة. وهذا ما يؤكد أن حالة العمران للمناطق الحضرية المتخلفة في مدينة القاهرة وغيرها في حالة متدهورة للغاية، وأصبحت سهلة السقوط تحت أي ظروف، حيث تجاوزت عمرها الافتراضي وهذا ما أكده مجلس الشورى المصري عام 1983 من أن هناك 200 ألف قرار بإزالة وهدم بعض الوحدات السكنية، غير أنها ما زالت قائمة ومشغولة بسكانها.
وفي دراسة أجريت على مجموعة من المناطق الحضرية القديمة والحديثة التي تتواجد فيها المناطق العشوائية ذات النمط الريفي منها بولاق الدكرور وميت عقبه وغيرهما، توصلت نتائجها إلى أن ثلثي سكانها من المهاجرين من الريف،وتسودها حياة ريفية.
كما أكدته أيضا إحدى الدراسات، بان نسبة الإسكان الفوضوي في القاهرة بلغ 84% من مجموع المساكن التي بنائها في الفترة ما بين عامي 75/1981. وهي نسبة لا تختلف مع النسبة التي توصل إليها البنك الدولي والتي بلغت 81%.
وتوصلت إلى:
مناطق الاحياء القصديرية أو الاحواش والمقابر:
بينت إحدى الدراسات التي أجريت على مساكن العشش والتي حاولت إبراز خصائص سكانها بمدينة القاهرة،حيث توصلت إلى مجموعة مكونة من ستة أنواع :
- الاحياء القصديرية التي توجد حول الترع والمصارف،والمياه الجارية ومنها " ترعة الإسماعيلية" .
- الاحياء القصديرية حول المناطق الصناعية، أكثرها انتشارا في "شبرا الخيمة" وحلوان .
- الاحياء القصديرية التي توجد حول ضفتي نهر النيل.
- الاحياء القصديرية التي توازي خطوط السكك الحديدية.
- الاحياء القصديرية في المناطق الأثرية ، أراضي وزارة الأوقاف منها الواقعة حول " سور صلاح الدين الأيوبي".
- الاحياء القصديرية والأكواخ المؤقتة التي داخل الحدائق والمنازل الخربة القديمة.
أما المقابر فقد بلغ مجموع سكانها 273الف نسمة، منها 95 ألف نسمة ضمن مقابر البساتين 35 ألف نسمة في منشأة ناصر، 35 ألف نسمة في "التونسي" 15 ألف نسمة في الغريب و المجاورين، 12 ألف نسمة في الإمام الشافعي ، 13 ألف نسمة في السيدة عائشة ، 14 ألف نسمة في عرب اليسار.
ومن ثم نجد أن تعداد عام 1976 يوضح بالنسبة لسكان المناطق الحضرية المتخلفة في القاهرة الكبرى ، بلغ عددهم 146.176 ألف نسمة ، بينما بلغ عدد سكان أحواش المقابر163.281نسمة عام 1976. تبين أن الأغلبية الكبرى للسكان .تقع في مناطق أحواش المقابر وتحتوي حوالي 53 % فيقسم الخليفة ، 33.1% في قسم الجمالية . واتضح أن هناك تباينا في معدل الكثافة لدى سكان المقابر و سكان الاحواش.
هذا بالإضافة إلى ما تعانيه هذه المناطق من ظروف سيئة، وقاسية من الناحية السكانية، إلا أنها تواجه مشكلات أخرى، منها أن نسبة 43.5% من اسر احواش المقابر تستفيد من الكهرباء. أما الأسر التي تتوفر لديها المياه داخل المساكن فقد بلغت 38.7%.
ومن ثم فقد أكدت البيانات من الدراسات على أن المناطق الحضرية المتخلفة في مدينة القاهرة يرجع سبب وجودها إلى الهجرة المتواصلة نحو المدينة حيث يقصد المهاجر الأحياء القديمة التي تعاني من التخلف وشدة الازدحام وعادة ما تكون هذه الهجرة متأتية من المناطق الريفية البعيدة، التي لها علاقة بالتعديلات الإدارية المتكررة بين حدود المدن، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلي ضم العديد من القرى المجاورة للمدينة لتصبح جزءا من أجزائها.
الأحياء الشعبية :
أما في يتعلق بأحيائها الشعبية فنجدها تشكل مثالا حقيقية للمساكن الفقيرة ، والتي نجدها داخل المدينة ، ومن اشهر هذه الأحياء :الجمالية، مصر القديمة، الأزهر، وخان الخليلي...الخ .
وكان سبب التدهور لهذه المناطق السكنية القديمة ظاهرة التوسع الحضري التي شملت مدينة القاهرة ،وكذلك المدن التي عمل على تخطيطها سكنيا،ببناء العمارات ، وتقديم الخدمات الحضرية المتطورة ، فقد دفعت سكان هذه المناطق إلى الانتقال إلى هذه الأماكن الأكثر تطورا ، الأمر الذي جعلهم يتركون أماكنهم لسكان ذوي الدخل المحدود ، ومن ثم بدأ طابع التخلف يظهر في هذه المناطق الشعبية القديمة والتي أصبحت تفتقر إلى الخدمات والمرافق العامة، ومبانيها ليست مريعة ولا صالحة للسكن.
وبصورة عامة فان جميع الدراسات التي تناولت سكان المناطق ، سواء الأحياء القديمة الشعبية أو المناطق العشش أو الأحواش والمقابر وغيرها، تؤكد أن دخل هذه المناطق منخفض جدا ، وان ارتفاع الكثافة السكانية عالية، كما أن هناك نقصا في الخدمات الاجتماعية والمرافق العامة، وانخفاضا في مستوى التعليم ، وانتشار للامية،
بالإضافة إلى قدم وتدهور حالة مساكنها، في جميع المناطق المتخلفة التي مستها الأبحاث والدراسات العديدة على مستوى المدينة المصرية.
ثانيا: الجزائر:
وفي دراسة ميدانية أجريت على كل المناطق المتخلفة حضريا بمدينة باتنة بالجزائر أبرزت حقيقة مفادها بأن هذه المناطق في حاجة ماسة وضرورية إلى ترقية أحوالها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعمرانية والتي أصبحت عائقا أمام اتساع الشبكة الحضرية للمدينة، وتعد تلك الحقيقة هي نتيجة إلى مجموعة من الاستنتاجات والتي يمكن حصرها فيما يلي:
1/ الاستنتاجات المتعلقة بالحالة العامة لأفراد عينة البحث خلال فترة وجودهم في مواطنهم الأصلية:
من السمات التي تميزت بها هذه المناطق المتخلفة حضريا من حيث نشأتها وسبب ظهورها وانتشارها، راجع إلى أن سكانها من المهاجرين إلى مدينة باتنة، وكان الهدف والغاية منها هو البحث عن فرص لتحسين الأحوال المعيشية والاستقرار النفسي والاجتماعي من ناحية، والتخلص من المعاناة الشديدة التي تعرضوا لها في مواطنهم الأصلية من ناجية أخرى، كما أن قيام هذه المناطق كان ذاتيا في بداية ظهوره لعدم قدرة المدينة على استيعاب هؤلاء المهاجرين وإيوائهم سكنيا، وذلك لمحدودية إمكانياتهم، باعتبارها تعاني من أزمة السكن والتي ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، مما أدى إلى زيادة توسع وانتشار مناطق متخلفة جديدة، وذلك من جراء تعرض الوافدين الجدد وبخاصة القادمون من المناطق الريفية منها لقسوة الظروف السائدة في مناطقهم الأصلية، حيث تعرض سكان الريف في الماضي إلى اضطهاد واستغلال، واستيلاء على أراضي من طرف الاستعمار الفرنسي. وبعد الاستقلال الوطني عام 1962 تكررت المأساة مرة ثانية، حيث قامت الحكومة بتأميم الأراضي في ظل الثورة الزراعية، فأصبح ملاكها عمالا أجراء تحت تطبيق مبادئ الثورة الزراعية، مما دفع بهم إلى الهجرة نحو المدن رغبة منهم في الاستقرار والحياة الأفضل، كما لعبت مدينة باتنة دورا هاما في جذب سكان الريف مما تمتلكه من إمكانات مادية كبيرة بعد الاستقلال، حيث وفرت كثيرا من فرص العمل ذو المأوى مما أدى بهؤلاء
المهاجرين إلى الإقامة والعيش في إحدى هذه المناطق المتخلفة، حيث تبين من خلال عينة البحث ما يلي:
1- يوجد ما يزيد عن نصف أفراد العينة 52.6% ينتمون إلى أصول ريفية، قدموا إلى المدينة عن طريق الهجرة، واستقروا في هذه المناطق، وكانت أهم مواطنهم الأصلية: إقليم باتنة، خنشلة، وأم البواقي وبسكرة.
2- بلغت نسبة 67.4% من العائلات الوافدة من الريف والتي تمت إقامتها ضمن هذه المناطق المتخلفة من إقليم باتنة وحده، وقد كانوا يسكنون في المناطق القريبة منها.
3- بلغت نسبة 51.2% من أرباب الأسر التي هاجرت من الريف إلى المدينة لأسباب عديدة وتمكن في قسوة الظروف في الريف الجزائري إبان الثورة التحريرية وقانون الثورة الزراعية بعد الاستقلال، وهناك عوامل خارجية تكمن في طبيعة المدينة التي تمركزت فيها جميع الأجهزة الإدارية، والأنشطة الاقتصادية والصناعية والتجارية والتعليمية والصحية، والتي كانت مخصصة في أغلبها لخدمة سكان المدينة دون سكان الريف، مما أدى إلى تحفيز سكان الريف على الهجرة نحو المدينة وذلك من أجل ما يلي:
أ‌- البحث عن أفضل فرص للعمل.
ب‌- الحصول على تعليم أفضل لأبنائهم.
ت‌- العيش مع الأقارب الذين يبقوهم في الإقامة في مدينة باتنة.
2/ الاستنتاجات المتعلقة بحجم وتركيب السكان:
1- إن عدد سكان هذه المناطق المتخلفة، والتي شملتهم الدراسة الميدانية قد بلغ 20758 بعد ذلك ليصل إلى 69195 نسمة عام 1987.
2- بلغ متوسط أعمار أفراد العينة 23 سنة، بانحراف معياري بلغ مقداره 16 سنة، وأن 51.4% تتراوح أعمارهم ما بين 15- 64 سنة، أن 2.7 تبلغ أعمارهم أكثر من 64 سنة، في حين بلغت نسبة 4.6% للذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، وبذلك فإن الهرم السكاني لسكان هذه المناطق يتصف بالقاعدة السكانية الواسعة.
3- بلغ معدل ظاهرة الاتكال بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة 19.2% وأن معدل اتكال الشيوخ قد بلغ 5.3% للذين تبلغ أعمارهم 65 سنة فأكثر، وبذلك يكون المعدل العام للاتكال قد بلغ 94.5%.
4- بلغت نسبة هجرة الذكور إلى الإناث 105.3% وهذا مؤشر هام على مدى حركة الهجرة إلى المدينة، ولاتي لم تقتصر على الذكور فقط، وإنما كانت أسرية تضم الأبوين وأطفالهم.
5- بلغ متوسط حجم الأسرة 8.5 أشخاص، ويرجع هذا للأسباب التالية:
أ‌- ارتفاع نسبة المتزوجين والتي بلغت 98.4%.
ب‌- ارتفاع عدد المواليد، وقلة الوفيات، وذلك لتحسن الأحوال الاجتماعية والمعيشية والصحية لسكان هذه المناطق المتخلفة، حيث بلغت نسبة حجم الأسر الكبيرة 77.7%.
ت‌- ظاهرة إقامة الأبناء المتزوجين مع آبائهم، والتي بلغت نسبتهم 23.2.%
ث‌- ظاهرة الإقامة والعيش الخاصة بالأقارب ضمن أسر سكان هذه المناطق، والتي بلغت نسبتها 72%.
ج‌- عدم استخدام وسائل تنظيم الأسرة والتي بلغت نسبتها 91.4%.
ح‌- حب الإنجاب والمفاضلة بين الجنسين وهذا لما له علاقة بالقيم والمعتقدات السائدة بين سكان هذه المناطق.
3/ الاستنتاجات المتعلقة بأحوال السكن:
كانت أبرز الخصائص السكنية لهذه المناطق المتخلفة، هي تدهور أحوالها العمرانية المتمثلة في قدم الأبنية وتداعيها، وضيق مساحات أبنيتها وقلة عدد غرفها، وانعدام المرافق الداخلية في أغلبها، حيث أظهرت الدراسة الميدانية ما يلي:
1- بلغ عدد الدور السكنية في هذه المناطق 11941 دار سكنية منها 95.8% تتكون من طابق واحد، و 4.2% تتكون من عدة طوابق.
2- بلغ المعدل العام لمساحة أرض الدور السكنية في المتوسط 156م2 ضمن نطاق هذه المناطق المتخلفة.
3- بلغ متوسط عدد الغرف في الدور المبنى وذلك بالنسبة للسكن الواحد حوالي 3 غرف، بانحراف معياري بلغ مقداره 1.09 غرفة.
4- بلغ معدل كثافة استقبال الغرفة الواحدة 3.6 شخص، أما على مستوى مدينة باتنة فقد بلغ 2.5 شخص.
5- إن المناطق المتخلفة أكثر الأماكن عرضة للازدحام والاكتظاظ السكاني، ويرجع إلى الأسباب التالية:
أ‌- كثرة الوافدين والمترددين على هذه المناطق باعتبارها ما زالت تمثل مصدر جذب لهم، ومناطق مأوى للنازحين من الريف إلى مدينة باتنة.
ب‌- ضيق مساحة الدور السكنية، وصعوبة التوسع في البناء على المستوى العمودي لضعف الإمكانات وضعف الأساسيات من ناحية، وكثرة المضايقات من طرف السلطات المحلية للمدينة من ناحية أخرى.
ت‌- الزيادة السكانية المتأتية من ارتفاع معدل المواليد وقلة الوفيات.
ث‌- قلة الإمكانات المادية المتاحة لتغيير محل السكن من طرف سكان هذه المناطق لظروف صعبة تحول بينهم وبين تحقيق ذلك.
4/ الاستنتاجات المتعلقة بتغيير محل السكن:
لقد أكد الجانب النظري على وجود مثل هذه الظاهرة بين سكان المناطق المتخلفة، والتي تتمثل في حركة دائمة لسكان هذه المنطق من حيث تغير أماكن سكناهم أكثر من مرة داخل المدينة، وأغلب الظن أن حركة تغيير أماكن السكن بالنسبة إلى سكان المناطق المتخلفة بمدينة باتنة تتم داخليا بين منطقة متخلفة إلى أخرى مثلها غير أن هذه السمة نسبية لا يمكن أن نعممها على جميع سكان المناطق المتخلفة بمدينة باتنة، ويرجع هذا إلى الأسباب التالية:
- تحسن الحالة المعيشية لسكان هذه المناطق عما كانت عليه في السابق عندما كانوا يقيمون في مواطنهم الأصلية واقتناعهم بذلك.
- ظهور حالة الاستقرار الاجتماعي والنفسي، التي سادت بين سكان هذه المناطق خلافا لما كانت عليه في الماضي.
- التكيف الاجتماعي لمناخ هذه المناطق بعد أن استقروا فيها مدة طويلة ومن الصعوبة التخلي عنها بعد أن يحقق هذا المكسب.
- الشعور بالحرية والمساواة بعد ظلم وضميم لمدة طويلة أثناء الثورة خاصة، وبعد الاستقلال عامة بالنسبة لهم مكسبا اجتماعيا ومن ثم لا يمكن التفريط فيه، ومن ثم رفض العودة إلى الموطن.
- امتلاك الدور السكنية ضمن هذه المناطق من طرف أغلب سكانها، وهذا عامل هام لدوام استقرارهم، بعد أن كانوا لا يملكون شيئا في الماضي.
- وجود فرصة الكسب في مدينة باتنة من خلال الأعمال والوظائف التي لا تعتبر شاقة، بالقياس إلى الأعمال التي كانوا يقومون بها في ظروف طبيعية صعبة في مواطنهم الأصلية، وظهرت فيما يتعلق بهذا المجال النتائج التالية:
أ- بلغت نسبة 86.8% للذين لا يرغبون في تغيير مناطق سكناهم في الوقت الحالي.
ب- بلغت نسبة 96.8% للعائلات التي لا تفضل العودة إلى مواطنها الأصلية التي هجروها، ثم استقرت في هذه المناطق.
جـ- بلغت نسبة 92.2% من العائلات الراضية والتي تشعر بالراحة والرضا بظروفها المتمثلة في إقامتهم في المساكن الحالية ضمن هذه المناطق المتخلفة.
5/ الاستنتاجات المتعلقة بالمرافق العامة داخل الدور السكنية:
تتصف المناطق المتخلفة بمدينة باتنة بالنقص الشديد والمستديم للمرافق العامة داخل الأبنية السكنية، الماء والكهرباء والغاز، والمرافق الصحية بالإضافة إلى عدم تعبيد ورصف الطرق والشوارع والأزقة، وكثرة الخرائب داخلها، كذلك نقص الخدمات الاجتماعية الحضرية الموجهة، مثل المدارس ومراكز الثقافة والمناطق الخضراء والملاعب والمساحات والمراكز الصحية وغيرها وتم استنتاج ما يلي:
- أن عدم وجود نظام للتخلص من القمامة يسبب تراكمها في الشوارع الأزقة الداخلية، وقد كان ذلك سببا في فساد المناخ العام لهذه المناطق، حيث أصبحت مناطق لانتشار الحشرات والأوبئة.
- بلغت النسبة 92.1 % للأسر التي يلعب أطفالها في الشوارع والأزقة الداخلية، لانعدام الساحات والملاعب ورياض الأطفال والحدائق العامة ضمن هذه المناطق.
- بلغت النسبة 36.2 % للذين يقضون أوقات فراغهم داخل مساكنهم، وذلك لامتلاكهم بعض وسائل الترفيه، وبلغت النسبة 18.4 % للذين يقضون أوقات فراغهم في المقاهي من أجل الترفيه عن أنفسهم، بينما بلغت النسبة 17.6 % للذين يقضون أوقات فراغهم في زيارة الأقارب كوسيلة ترفيه، وتوثيق الروابط الأسرية بين العائلات التي تنحدر من أصل واحد.
- جميع الشوارع الرئيسية لهذه المناطق وأزقتها الداخلية، وأرصفتها غير معبد أدت في أغلب الأحيان إلى تلوث الجو في هذه المناطق أثناء هبوب الرياح والعواصف في فصل الصيف والخريف، وكذلك صعوبة اجتيازها من كثرة الطمي في فصل الشتاء.
- رغم توفر شبكة المياه الصالحة للشرب،ه إلا أن سكان هذه المناطق يعانون من نقصها على مدار أيام الأسبوع، لاستثناء الأبنية السكنية التي يوجد بها آبار داخلية، خاصة في منطقة بوعقال، مما أدى إلى انتشار ظاهرة جلب المناطق المجاورة لها.
- توجد شبكة الكهرباء، إلا أنها غير معممة على جميع الأبنية السكنية في هذه المناطق الشيء الذي أدى إلى انتشار ظاهرة استعارة الأسلاك الكهربائية من المساكن المجاورة، ودفع قيمة الاستهلاك مناصفة.
بالرغم من وجود القانون الذي يعاقب على مثل تلك التجاوزات، إلا أن هذه المناطق تظهر مكسوة بخيوط كهربائية مدت للأبنية التي تخلو من الإنارة، وأصبحت هذه الأسلاك تشكل خطورة على المارة أثناء اجتيازهم الشوارع والأزقة، وخاصة في فصل الشتاء.
- تخلو هذه المناطق المتخلفة من شبكة خاصة بمياه الأمطار، وهي التي تساعد على صرف مياه الأمطار أثناء تساقطها في فصل الشتاء، الأمر الذي أدى بهذه المناطق إلى أن تصبح مستنقعات كبيرة بسبب تراكم المياه، مما يتعذر معه في الكثير من الأحيان اجتياز شوارعها وأزقتها سيرا على الأقدام.
6/ الاستنتاجات المتعلقة بالأحوال الصحية:
لقد تبين من الدراسة الميدانية ما أكده الجانب النظري، على أن سكان هذه المناطق المتخلفة يعيشون أحوالا صحية متدهورة وذلك لقلة المؤسسات الصحية، وضعف الوعي الصحي والثقافي والتعليمي، وقد أدى ذلك إلى نتيجة حتمية، وهي أن
تكون هذه المناطق بيئة اجتماعية موبؤة، ومصدرا لانتشار الأمراض مما لأدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات بين سكانها، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى انتشار القمامة والقاذورات وتركها مدة طويلة، مما يتيح الفرصة لتكاثر الحشرات الضارة والسامة الناقلة للجراثيم، إضافة إلى كثرة الخرائب وارتفاع درجة الرطوبة والتلوث وفساد الهواء من ناحية، وانتشار تعاطي المشروبات الكحولية والبغاء ونقص التغذية من ناحية أخرى.
وقد انعكس ذلك على الصحة العامة لسكان هذه المناطق من خلال خطورة انتشار الأمراض العديدة بين الأفراد كالأمراض الصدرية (التدرن) والربو، وفقر الدم، وغيرها. والأمراض الوبائية كالكوليرا والتيفوئيد، وهذا يؤكد العلاقة المتبادلة بي المنزلة أو المكانة الاجتماعية وبين الحالة المعيشية والسكنية السائدة من ناحية، وبين الحالة الصحية المتعلقة بالفرد والجماعة جسمانيا وعقليا ونفسيا، والتي لها علاقة وطيدة بالحالة السائدة لسكان المناطق من ناحية أخرى، وعلى حصر الاستنتاجات الخاصة بالحالة الصحية فهي:
- بلغ معدل الوفيات 26.6 في الألف، بينما 222.2 في الألف لوفيات الأطفال الرضع عام 1986.
- بلغ عدد الأشخاص المراجعين للطبيب الواحد 11480 شخصا وذلك في عام 1986.
- بلغت نسبة عدد الأشخاص إلى عدد الممرضات 4300 شخص للممرضة الواحدة، تقوم برعايتهم والسهر على راحتهم في المراكز الصحية والمستشفيات في عام 1986.
- بلغت نسبة عدد الأشخاص إلى عدد الأسرة في المستشفيات 2.7 فرد لكل سرير على مستوى مدينة باتنة عام 1982، 2.3 فرد لكل سرير على المستوى الوطني.
- بلغت النسبة 52% للذين يستعينون أثناء ولادة زوجاتهم بالقابلة أو الحدة(القابلة الغير مأذونة) وذلك لخبراتهم وكبر سنهن، ويرجع ذلك إلى عدم موافقة أرباب الأسر السماح لزوجاتهم بالولادة داخل المستشفيات بسبب الإشراف الطبي من طرف أطباء التوليد من الرجال، وهذا في رأيهم لحفظ كرامة وشرف الأسرة.
- لقد ظهر أن أكثر الأمراض شيوعا بين سكان هذه المناطق، والتي ارتفعت نسبتها، هي أمراض فقر الدم، سوء التغذية، وذلك لمحدودية الدخل البسيط، كذلك أمراض الربو والعيون لكثرة تطاير الأتربة والغبار، وتنتشر أمراض المعدة والسل الرئوي وإصابات الكوليرا والتيفوئيد، لعدم نظافة مياه الشرب، وكذلك أمراض الأطفال، وحمى النفاس بين النساء، حيث بلغت حالات الإصابة 21708 إصابة مرضية عام 1982 ترجع معظم أسبابها إلى ما يلي:
أ- قلة العناية الصحية المتعلقة بالغذاء الضروري لانخفاض المستوى المعيشي لسكان هذه المناطق.
ب- كثرة الأوساخ، وتراكم القمامة المنتشرة داخل هذه المناطق لعدم نظافة الشوارع والأزقة، وعدم توفير شبكة المجاري كعامل مساعد على زيادة انتشار الأمراض.
جـ- قلة المياه الصالحة للشرب التي تساعد على النظافة والتخلص من القاذورات، إضافة إلى ظاهرة تخزين المياه لمدة طويلة، مما يؤدي إلى ارتفاع حالات التسمم التي تقع بين سكان هذه المناطق.
د- بلغت النسبة 82.4% لمن يراجعون المؤسسات الصحية لمدينة باتنة وهي من مستشفيات وعيادات خارجية، ومراكز صحية تابعة للدولة، وهذا ما يؤكد على مدى استفحال الأمراض وانتشارها داخل المناطق المتخلفة.
هـ- بلغ عدد الذين لازموا فراش المرض في المستشفيات من سكان هذه المناطق 10420 مريضا من الجنسين، وذلك بسبب أمراض متنوعة منهم 4060 مريضا من الأطفال علم 1986.
7/ النتائج المتعلقة بالأحوال المعيشية:
يلاحظ بأن هناك أسباب مباشرة التي عملت على أن تصبح هذه المناطق المتخلفة مشكلة اجتماعية قائمة في مدينة باتنة ، ترجع إلى نمط الحياة المعيشية المعينة والسائدة بين سكانها، والتي تخالف الواقع الحقيقي للدخل السائد لبقية سكان المدينة، وهذا معروف لاحتواء هذه المناطق المتخلفة فئات اجتماعية فقيرة، أدى إلى أن تصبح مناطق يصعب على الفرد الإفلات أو التخلص منها، حيث يولد الفرد وينشأ
ويكبر ويجد نفسه محاطا بجملة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية يصعب عمليا التغلب عليها في أغلب الأحيان.
كما تبين بأن نشأة المناطق المتخلفة في مدينة باتنة كان ذاتيا من طرف فئة اجتماعية هاجرت من الريف إلى المدينة آملة في المأوى، غير أنها لم تجد ما تنشده منها، وذلك بسبب أوضاعهم الاجتماعية المتدنية في مواطنهم الأصلية، والتي ما زالت تقف عقبة في سبيلهم دون تحسين أحوالهم الاقتصادية، وهي كما يلي:
- انخفاض الدخل الأسري الذي بلغ متوسطه الشهري 3700.652 دينارا جزائريا، بانحراف معياري مقداره 170.210 دينارا جزائريا شهريا.
- بلغت نسبة 61.8 % من مجموع العائلات يعيش أفرادها مستوى الكفاف.
- بلغ مقدار ما تنفقه العائلة على المسكن من إيجار وكماليات أخرى كمتوسط شهري 300.810 دج ، بانحراف معياري مقداره100.810 دج.
8/ النتائج المتعلقة بالأحوال التعليمية:
تبين بان هناك نقص بين المؤسسات التعليمية بجميع أنواعها ومراحلها التعليمية داخل هذه لمناطق المتخلفة، وذلك لمحدودية الإمكانات المتاحة لها .
وبصورة عامة يمكن عرض أهم الأسباب التي آدت إلى تردي الأحوال التعليمية:
- ارتفاع نسبة الأمية، وانتشارها بين أرباب الأسر في هذه المناطق ومدى انعكاسها على أفرادها.
- قلة الأبنية المخصصة للتعليم ضمن هذه المناطق ، والتي أصبحت غير قادرة على تأدية دورها بصورة موضوعية في ظل ارتفاع كثافة الفصول ، وشدة الازدحام الداخلي ، ومن ثم فان أعمال المؤسسات التعليمية في هذه الناطق يكون دورها محدودا.
- عدم التوازن بين هذه الأبنية التعليمية من حجم ومدى استعدادها لاستيعاب التلاميذ من ناحية ، وبين الأعداد المقبولة بها من ناحية أخرى. وبين البحث الميداني مايلي:
• قلة المدارس الابتدائية وصغر حجمها في هذه المناطق.
• عدم وجود مدارس اعدادية وثانوية حيث تتواجد في امكن بعيدة.
• تفشي الامية بنسبة 63% .
9/ النتائج المتعلقة بالمشاكل الاجتماعية:
تميزت هذه المناطق بعدة مشاكل اجتماعية التي كان لها الأثر السلبي على المدينة ومنها مشاكل العزلة والتباين والتفكك الاجتماعي ، أما في مدينة باتنة فكانت عكس ذلك.
بعض الطرق التي أتبعت في معالجة المناطق الحضرية المتخلفة بمدن العالم الثالث:
للعديد من الإجراءات الكلاسيكية التي استخدمت لمعالجة مشكلة المناطق الحضرية المتخلفة تمثلت في تقديم الإعانات والخدمات العامة والخاصة لها أو إزالتها، إلا أن طبيعة الحياة في المناطق المتخلفة وسعة انتشارها في العديد من المدن جعلت من الإجراءات السابقة حلولا ذات أثر محدود في علاج مشكلة طبيعة العيش في تلك المناطق. وذلك لأنها مناطق تقاوم التغيير، لكونها مشكلة اجتماعية ذات طبيعة خاصة لا يمكن التخلص منها إلا بالهدم أو عن طريق التجديد وذلك وفقا لظروف طبيعة التطوير وبالرغم من وجود هذا الحل البسيط إلا أنه لم يحقق نتيجة حتى الآن، بل في الواقع ازدادت مشاكل سكان المناطق المتخلفة.
وحتى إزالة المناطق المتخلفة أو هدمها لا يكفي للقضاء عليها، لأن إزالة منطقة حضرية متخلفة من مكان معين قد يؤدي إلى ظهورها في أماكن أخرى وإن القضاء على تلك المناطق يستدعي القضاء على الأسباب المؤدية إلى ظهورها قبل التفكير في القضاء على البناءات التي تشتمل عليها تلك المناطق التي تختلف بطبيعتها وأنماطها.
وأن مسؤولية هدم وترميم أو بناء مساكن جديدة تقع على عاتق الدول المثقلة بالأعباء، ولذا تتصارع مشاريع إزالة المناطق المتخلفة أو علاجها مع المسؤوليات الحكومية الأخرى من أجل الحصول على أولية الاعتمادات المالية والفنية والبشرية.
ومن ثم أصبحت المناطق الحضرية المتخلفة أمر لا مفر منه بالنسبة للمدن، ولا يمكن أن تختفي بصورة ذاتية بل يحتاج إلى تطور بشري يشمل المجتمع الحضري، باعتبار أن التطور البشري غير الكامل كان سبب في ظهور تلك المناطق. وبما أن هناك أنماط وأنواع مختلفة من المناطق الحضرية المتخلفة، فإن المعالجة يجب أن

تختلف استنادا إلى تلك الأنماط التي تجلت في تباين الإمكانيات المتوفرة والحاسمة للقضاء عليها.
ولقد تستقيم الأمور الأساسية التي يجب أن نفكر فيها عن طريق البرامج الإصلاحية التي تصنف الأحياء السكنية حسب أنواعها واحتياجاتها لكي تنسجم تلك الخطوط العريضة المعدة لتطوير منطقة مع حياة المدن المعقدة التي تقع هذه المناطق ضمن نطاقها، وكذلك تنسجم تلك الإجراءات والأحوال الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لسكان المناطق الحضرية المتخلفة.
ولذا تتطلب مشاريع تطوير المناطق الحضرية المتخلفة بمعرفة الأمور التالية:
- حقيقة المشاكل التي تعاني المنطقة الحضرية المتخلفة.
- حالة السكن الموجودة فيها
- الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لسكانها.
- المهن والوظائف التي يزاولها السكان في المنطقة.
وبعد معرفة هذه الأمور الرئيسية يبدأ برنامج تطوير المناطق الحضرية المتخلفة بتطوير النواحي التالية:
1/ السكن: هدم مباني المناطق الحضرية المتخلفة التي تشكل خطرا على حياة السكان وإعادة ترميم المباني التي تحتاج إلى هدم، وهذا يعتمد على ما يمكن توفيره من مبالغ مالية لازمة لذلك والأخذ بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية والمستويات المهنية والسلوكية والثقافية والاقتصادية لسكان تلك المناطق.
2/ الخدمات العامة: يحب توفير الخدمات التربوية والتعليمية والصحية والاجتماعية والمرافق ضمن المناطق الحضرية المتخلفة.
3/ إقامة مناطق سكنية جديدة ضمن النطاق الحضري للمدينة ونقل سكان المناطق الحضرية المتخلفة إليها، وذلك لتخفيف من الضغط السكاني الحاصل في مركزها والتخلص من الكثافة السكانية العالية.
4/ العمل على شق الطرق والشوارع الواسعة في المناطق المتخلفة، وإنشاء الحدائق والملاعب والأسواق، خاصة في الأماكن الخالية.
5/ دفع الباحثين وتشجيع الدراسات التي تهتم بالمناطق الحضرية المتخلفة، لمعرفة ظروف سكانها، والاستفادة من النتائج المتحصل عليها، من أجل رسم البرامج والخطط التي تساعد المعنيين بالمناطق المتخلفة على حل المشاكل والتغلب عليها.
وعليه يمكن استعراض بعض الإجراءات التي اتبعت وتتبع الآن في بعض دول العالم لتطوير المناطق الحضرية المتخلفة وتحسين أحوال سكانها.

أولا: أفريقيا:
إن الموارد التي صرفت على الإسكان في بعض البلدان الأفريقية كانت أغلب مصادرها حكومية، حيث قامت حكومتا المغرب وتونس بتقديم قروض بفوائد لمن يرغب في الحصول عليها من سكان المناطق الحضرية المتخلفة.
مصـــــر:
كما خصصت مصر جزءا ضخما من المال اقتطعته من احتياطي الضمان الاجتماعي للموظفين حوالي 36 مليون أمريكي، خصص لمشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود، حيث لم تكن هناك سياسة مدروسة لمشروعات الإسكان في عهد الحكومات السابقة، وكل ما في الأمر أن تلك المشروعات اقتصرت على تشييد بعض الدور التي بلغت 1066 مسكنا وزعت على العمال في أمبابة في بأجور زهيدة.
و بعد قيام ثورة 1952 عملت السلطات آنذاك على إقامة مساكن للعمال و اعتبرت الايجارات مدفوعت سلفا و جزءا من القيمة الاصلية للدار.
كما أولت ثورة يوليو مشروعات الاسكان عناية فائقة، فعملت على توفير السكنى لذوي الدخول المنخفضة، و عملت على اعطاء الجمعيات التعاونية الأراضي للبناء و بأثمان زهيدة تدفع على شكل أقساط.
ثم بلغ عدد المساكن التي شيدت في القاهرة ما يقرب من 6 آلاف مسكن، إضافة إلى ما شيد في الإسكندرية ودمنهور و كفر الشيخ و لم تقتصر عناية الثورة على تشييد المساكن بل اهتمت بالمرافق العامة لتوفير مياه الشرب و مشاريع المجاري و إنارة المدن، وكذلك عملت على تنمية موارد المجالس البلدية، و اهتمت برعاية تخطيط المدن و الاحياء الحضرية المتخلفة فيها و عملت على تنظيم تلك الاحياء و ادخال التحسينات التي تتناسب مع درجة النمو الحضري و العمراني، و كذلك عملت
على تقييد الهجرة الداخلية، و اعادة توزيع السكان بين مختلف المناطق، و توزيع الخدمات و انشاء الاسواق المحلية المجمعة و تعزيز شبكات النقل.
و لم تقتصر هذه السياسة على القاهرة فقط بل شملت الاسكندرية و بورسعيد و رأس البر و الفيوم والقنا، كما اهتمت الحكومة بالامتدادات الحضرية التي ستحدث في المستقبل كما عملت على تخفيض الايجارات و الاعفاءات الضريبية على العقارات، و قامت الحكومة بتخصيص الاراضي المحيطة بمراكز الحضر و الضواحي لبناء المساكن بسبب انخفاض أثمانها. و بذلك قل الطلب على المواقع المركزية في وسط المدن، و خف التكدس السكاني الموجود فيها، و كانت الحكومات افي مصرتعمل علىدراسة حالة المناطق الحضرية المتخلفة لازالتها و اعادة تعميرها و كانت تتمثل في مشاريع سكنية جديدة.
ثانيا: الدول العربية:
لقد ارتبطت الطرق التي اتبعت في معالجة المناطق الحضرية بالمدن العربية لحركة التوسع الحضري التي اتخذت في العادة شكلين هامين:
أولها: التوسع المحدود الذي يستخدم الأرض و القواعد و اللوائح التخطيطية الخاصة.
ثانيهما: التوسع الغير محدود، و يقوم على توسع غير منظم كالنمو التلقائي للمناطق المتخلفة، و مدن الصفيح على أطراف المدينة مما يؤدي إلى ضياع أراضي زراعية أقيمت فوقها مجتمعات موبؤة بالأمراض الاجتماعية التي تسبب أضرار مختلفة للمناطق المجاورة لها و من ثم نجد أن التوسع الحضري في العالم في نهاية هذا القرن ينتمي إلى النمو التلقائي غير المخطط، و خاصة في العواصم العربية التي وقعت تحت مؤثرات قوية، أدت إلى أتساع أسرع مما كان متوقع لها، وتمتعها بمزايا كثيرة نظير التغيرات التي حدثت في العالم، نتيجة لتحسن الأحوال المعيشية و الصحية و تطور و سائل المواصلات التي أدت إلى زيادة سكان العالم بصورة عامة و سكان الوطن العربي بصورة خاصة.
و الملاحظ أن نسبة السكان في معظم المدن العربية قد تغير خلال الخمس عشر عاما الأخيرة، فأصبحت تلك المدن مكتظة بالسكان مما أدى إلى انتقال السكان إلى
الضواحي، أدى إلى فقدان المدن العربية الكثير من سماتها الحضارية و الثقافية كما أنها أصبحت تشترك مع غيرها من المدن في مشاكل السكان باعتبارها مساكن غير لائقة و تشكل أحياء متخلفة، و تعاني من تراكم القمامة و اختلاط في استعمالات غير المنظمة للأرض، بالرغم من أن هذه المشاكل ليست على نفس الدرجة من الخطورة في كل المدن العربية.
لقد كان لاكتشاف البترول و استغلال موارده أثر كبير على النمو الحضري، و خصوصا في الخليج العربي و بعض الدول الإفريقية، و لهذا وجب قيام سياسة عامة في الوطن العربي تستهدف إدخال العناصر الحضرية و الإنسانية في مفهوم المدينة، حتى تترك أثرها على شكل المدينة و كيانها و تصميمها و بدون هذه الأمور تبقى المدينة العربية ناقصة، و خاصة من الناحية الجمالية و الفنية و الثقافية، مما يؤثر تأثيرا كبير ا في تنشئة مواطن غير صالحة.
و من الملاحظ أن الإجراءات العربية لحل مشكلة الإسكان و إزالة الأحياء الحضرية المتخلفة، تخلف من بلد عربي لآخر، و أمثلة عن الدول العربية:
- دولة الكويت:
إن من أهم المناطق السكنية التي أقيمت في الكويت في منطقة القادسية و الفيحاء و الشامية ...الخ، حيث خصصت الحكومة الكويتية للسكان الذين أخلوا مساكنهم القديمة الواقعة في مناطق التنظيم و ذلك بتقديم أراضي مجانية لصالح الأسر المستحقة، ثم شيد ضمن هذه المنطقة بعض المرافق الضرورية.
كما وضعت حكومة الكويت خطة للقضاء على المناطق المتخلفة، و ذلك عن طريق توزيع الأراضي التي تقع خارج حدود مدينة الكويت بسعر التكلفة لذوي الدخل المحدود مع تهيئة كافة الخدمات مع تقديم القرض بدون فائدة و لمدة طويلة كما خصصت الحكومة الكويتية في الخطة الخمسية 1967– 1972 قروضا قدرت بحوالي 49.7 مليون دولار كويتي لبناء المساكن لذوي الدخل المحدود.
- دولة سورية:
تقوم مؤسسة السكن في سوريا ببناء المساكن و بيعها إلى الاشخاص الذين تقل مدخولاتهم السنوية عن 5000 ليرة سورية، على أن تباع المساكن بأسعار التكلفة و
بدون فائدة على أقساط لمدة 12 سنة. كما أن البلدية تقوم بإعفاء ذوي الدخول المحدودة من الرسوم و الطوابع، و تثدم قروضا للمواطننين بما لا يزيد عن 100 ألف ليرة سورية، تسدد على مدى ثلاث سنوات بفائدة قدرها 6%، و تمنح عادة دون رهن السكن. و هناك جمعيات تعاونية تقوم بمساعدة المواطنين في هذا المجال.

الخاتمة:
لاشك أن مشكلة المناطق المتخلفة تكمن في تدهور أحوال سكانها اجتماعيا و اقتصاديا و عمرانيا، الأمر الذي أدى إلى التباين بين أجزاء المدينة الواحدة من الناحية الايكولوجية و المرفولوجية، و بهذا أصبح أمرها واضحا جليا لدى العام و الخاص، و يرجع أسباب تردي أوضاعها أساسا إلى عدم تطبيق سياسة حضرية صارمة، و كذلك إلى الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية النابعة من طبيعة مجتمعاتها، إلا أن أمر سكان هذه المناطق قد تجاوز النطاق المتعارف عليه، و خاصة في الفترة الحالية بعد أن ارتفع عدد سكانها و تنوعت أنماطها و أشكالها العمرانية، و باتت تمثل إحدى الإضافات السكنية للمدن، و تشكل في العديد منها ثلث سكانها، كما أنها أماكن غير مريحة، و باعتبارها بؤرة المشاكل التي تقلق المدن، و تفوق إمكانياتها المادية المتاحة لها، كما تبين أنها مناطق خطرة و قوة اجتماعية ضاغطة في مجتمع المدينة و هذا من خلال العديد من القضايا الاجتماعية و السياسية على أنها ورقة رابحة يمكن استخدامها لأغراض عديدة.
إضافة إلى أنها برزت ضمن المحيط الحضري كمناطق عصيان و تمرد أمام السلطات المحلية للمدن، و هذا ما تم تجسيده مؤخرا كما حدث في الجزائر في الفترة الواقعة بين عامي 1985/1988 حيت تمت عملية عصيان من طرف سكان المناطق الحضرية المتخلفة أمام السلطات المحلية و قواتها الأمنية، و من ثم انتشرت هذه الظاهرة في العديد من المدن الجزائرية، و هذا بعد أن اكتشفت المخالفات التي كانت تتم سريا في مجال الأنشطة الاقتصادية و الممارسات و الأفعال اللاأخلاقية الممنوعة و المخالفة للقانون و الدين و العرف و من ثم فان الوضع الحالي للمناطق الحضرية المتخلفة انعكاس خطير لا تسلم منه أي مدينة في القارة الإفريقية و الآسيوية أو أمريكا اللاتينية و هذا مؤشر سلبي للغاية يبين ما ستفرزه هذه المناطق الحضرية المتخلفة في المستقبل إن لم يتم على عجل تهيئة و تكييف أحوالها العمرانية و ترقية و تحسين مستوى سكانها وفق أسس الحياة الحضرية و ذلك من خلال سياسة حضرية شاملة لهذه المناطق حتى يتم تضييق الهوة و التخلص من التباين بين أجزاء المناطق السكنية في المدينة الواحدة في العالم الثالث.

المراجع المعتمدة: - كتاب التطوير الحضري و المناطق الحضرية المتخلفة في المدن(د. أحمد بو ذراع – جامعة باتنة)
- Encarta 2005 -

Admin
Admin
المدير
المدير

عدد المساهمات : 972
نقاط : 2426
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

https://chemamin.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى