التسيير والتقنيات الحضرية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التسيير والتقنيات الحضرية
التسيير والتقنيات الحضرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية Empty اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية

مُساهمة من طرف Admin السبت ديسمبر 24, 2011 11:10 am

مقدمة :
إن نقل مسؤولية تقديم الخدمات من الحكومة المحلية إلى المستويات الحكومية المحلية قد أدى إلى ظهور حاجات جديدة لمصادر دخل محلية ومستدامة. وقد يصعب على الحكومات المحلية الريفية توفير مستوى ملائم من الخدمات، باعتبار أن قواعدها الضريبية محدودة في العادة مقارنة بالمراكز الحضرية. وغالبا ما تعد الضرائب على الملكية بمثابة ضرائب حضرية في المقام الأول، لكن أهميتها بالنسبة للمجموعات الريفية أمر لا مبالغة فيه، إذ أن فرض الضرائب على الأراضي والصناعات الريفية يوفر للحكومات المحلية مصدرا هاما للدخل المتأتي من "ضريبة خاصة.
ومن بين أهم الأسباب الدافعة إلى لامركزة القطاع العام تحسين الكفاءة والفعالية العامة من خلال إتاحة الفرصة أمام الحكومات المحلية لتحسين تجاوبها ومساءلتها وأدائها في ميدان استحداث الخدمات وتقديمها. وعملية اللامركزية إنما هي جزء أساسي من عملية السعي إلى ضمان دور فاعل وهام للحكومات المحلية في ميدان تسيير الشؤون المحلية.
ولابد أن تتواكب لامركزة السلطات بوجود دخل كاف يضمن التمويل الملائم للمسؤوليات الجديدة الملقاة على عاتق الحكومات المحلية. كما يتعين اتخاذ القرارات فيما يتعلق بمصادر الدخل التي يجب توافرها للاستخدام الخالص من الحكومات المحلية، وما هي المصادر التي ينبغي تقاسمها بين مختلف الحكومات. ويلعب الدخل المتمثل في المنح وغيرها من التحويلات بين الحكومات دورا كبيرا في ماليات الحكومات المحلية في معظم البلدان. لكن ضمان الاستقلالية الضريبية الفعلية لحكومة محلية ما يحتم أن تتأتى نسبة كبيرة من دخلها الإجمالي من "دخلها الخاص"، أي أن تتحكم فيه. وتعد الضرائب المحلية مصدرا هاما للدخل المتأتي من مصادر محلية.

تعتبر الضريبة على الملكية ضريبة محلية فعالة باعتبار أن للملكية موقعا ثابتا يقع تحت ولاية حكومة محلية معينة. ولهذه الضريبة ميزات لا تتوافر لغيرها من الضرائب من حيث قابلية التنبؤ وثبات العائد. كذلك يصعب تجنب الضريبة على الملكية، إضافة إلى أن الملكية نفسها تعتبر أصلا يمكن استخدامه لاتخاذ خطوات تضمن تسديد الضريبة، ناهيك عن أن وصول المجموعات الريفية إلى قواعد ضريبية هامة أخرى محدود عادة.

توخيا لتعزيز الاستقلالية الضريبية، ينبغي أن يتوافر للحكومة المحلية بعض المجال لتقرير مدى اتساع نطاق القاعدة الضريبية وتحديد معدلات الضريبة. وهناك عدد قليل من البلدان النامية التي تتيح لحكوماتها المحلية هذا النوع من الحرية في هذا الشأن، وإن كان من الضروري أن تتمتع الحكومات المحلية بسلطة تحديد الضرائب، وإن كان من المتوقع أن يخضع ذلك لمعوقات تضعها الحكومة المركزية. وإذا لم تتمتع الحكومة المحلية بسلطة تحديد مبلغ أي ضريبة، فإن في ذلك إضعاف لسياسات الضرائب المحلية وللمسؤولية نحو دافعي الضرائب. وفي العديد من الاقتصادات النامية، تنحى مداخيل الضريبة على الملكية نحو الانخفاض النسبي، ويعود ذلك جزئيا إلى كيفية إدارة الضرائب. فمن المرجح أن الحكومة المركزية لن تولي الضريبة كثيرا من الأهمية إذا اقتصر دورها على إدارتها ومن ثم نقل ريعها إلى الحكومات المحلية. وبالتالي فإن من المهم بالنسبة للحكومات المحلية أن تضطلع بدور قيادي ضمن نظم الضريبة على الملكية إذا كانت هي الجهة المستفيدة منها.

لا يحظى فرض الضرائب بأي شعبية عموما، ومن المرجح أن التغييرات على النظام الضريبي المتمثلة في تطبيق أو تعديل الضريبة على الملكية الريفية تشكل مسألة حساسة من الناحية السياسية. وبالتالي تبرز الحاجة إلى استراتيجيات للتعامل مع معارضة الضريبة، ويتم ذلك مثلا من خلال تقديم معلومات وافية للجمهور، ومن خلال إتباع عمليات اتخاذ للقرار تتسم بالشفافية، ومن خلال توزيع التغييرات على مراحل أو إدخالها تدريجيا.

وفي بعض الحالات قد يتطلب تنفيذ سياسات اللامركزية إدخال ضريبة جديدة تماما على الملكية. وفي حالات أخرى، قد يتم التركيز على توسيع نطاق النظام الضريبي الحضري ليشمل الملكيات الريفية. إما إذا كان النظام الساري للضريبة على الملكية يتسم بالخلل، فسيحتاج الأمر إلى تحويله إلى نظام أكثر كفاءة وعدالة.

يسعى هذا الدليل إلى مساعدة البلدان في تطبيق نظم جديدة للضريبة على الملكية أو توسيع نطاق النظم الحالية أو إصلاحها. كما يهدف هذا الدليل في المقام الأول إلى تقديم الدعم للقائمين على إدارة الأراضي الذين أوكلوا بمسؤولية التصميم الفني لنظم الضريبة على الملكية الريفية وتنفيذها. وقد يكون محتواه المتعلق بالجوانب المتعلقة بسياسات فرض الضرائب على الملكية لدعم عملية اللامركزية ذي فائدة بالنسبة لصانعي القرار القطريين وللمسؤولين في صفوف الحكومة المركزية عن إعداد التشريعات وبرامج التنمية، وكذا الأمر بالنسبة للأعضاء في جماعة الجهات المانحة والآخرين الذين يعملون في برامج التنمية الريفية الأوسع نطاقا.

يبدأ الدليل بوصف المنافع المحتملة للامركزية من حيث زيادتها لكفاءة وفعالية تقديم الخدمات، ويورد المشاكل التي قد تنجم عن الفشل في الاستفادة من تلك الإمكانية. كما يصف الدليل أهمية أن تتوصل الحكومات المحلية إلى الاستقلالية الضريبية، ويبين كيف يمكن أن تشكل الضرائب على الملكية الريفية مصدرا حيويا لدخل الجماعات الريفية. كما يحدد الدليل المسائل التي تستدعي الدراسة لدى وضع الضرائب على الملكية المحلية وتنفيذها. وتتمثل الرسالة العامة التي يوجهها هذا الدليل في أن الضريبة على الملكية في المناطق الريفية مجدية من الناحية الفنية وأنها ستعود بالفائدة على الاقتصاد والتسيير الريفيين.


2- اللامركزية-

حظي تطور الديمقراطية واللامركزية باهتمام عالمي متزايد. ومنذ نهاية الثمانينات سلك العديد من البلدان الطريق المفضية إلى تيسير عدد من جوانب اللامركزية. ولا يوجد نموذج معياري للامركزية، بل إن العمليات والتدابير تختلف اختلافا كبيرا وفقا للأغراض والأهداف، ووفقا للترتيبات المؤسسية وترتيبات التنفيذ.

وقد تتجلى اللامركزية في أشكال عديدة، من بينها اللامركزية السياسية أو الإدارية أو الضريبية، وكذلك من خلال إلغاء تركيز السلطات وتفويضها, ويمكن التمييز بين مختلف هذه الأشكال من خلال مواصفاتها، ومن خلال تبعاتها على السياسات وشروط نجاحها. فعلى سبيل المثال:

فيما يتعلق بإلغاء التركيز، تعمد الحكومة المركزية إلى التخلي عن بعض من وظائفها، كالتخطيط والمالية، من المركز إلى مكاتب الفروع الإقليمية، لكنها تحتفظ بسلطة التحكم العامة. وإلغاء التركيز هو ترتيب إداري في المقام الأول، يبقي على سلطة اتخاذ القرار في أيدي وزارات الحكومة المركزية.

وفي إطار تفويض السلطات، تنقل الحكومة المركزية بعضا من سلطاتها ومسؤولياتها إلى المستويات الأدنى من الحكومة. ويتمثل الغرض الأساسي من هذه العملية في تقريب الحكومة من الشعب وزيادة مستوى الشفافية والمساءلة. وفي هذه الظروف، تعمل الحكومة المحلية ضمن بارامترات السياسات العامة التي تضعها الحكومة المركزية، لكنها تتمتع بالاستقلالية فيما يتعلق بكيفية أداء وظائفها.
يعالج هذا الدليل عملية اللامركزية عبر تفويض السلطات، لكن تصميم نظام الضريبة على الملكية الريفية وتنفيذه وفقا لما يرد في هذا الدليل سيناسب أيضا البلدان التي تطبق عملية اللامركزية عبر إلغاء التركيز.

اللامركزية إلى الحكومات المحلية عملية معقدة للغاية، وتشمل مسائل المالية والإدارة والتحكم والتنظيم وتقديم التقارير والمساءلة، وجميعها عناصر مكونة للعلاقة بين مختلف مستويات الحكومة. يضاف إلى ذلك ومع الأسف أن تنفيذ عملية اللامركزية لم يسر على نحو حسن في جميع الحالات. فعلى الرغم من القوى السياسية والاقتصادية المجتمعية التي تقود الطلب على اللامركزية، فإن هناك غالبا هوة تفصل بين الواقع والهدف الذي تحدده السياسات والتشريعات.

الأسباب الدافعة نحو اللامركزية
تتمثل أهم أهداف اللامركزية في تحسين تقديم القطاع العام للخدمات ورفع مستوى معيشة السكان. ولطالما اعتبرت اللامركزية جزءا لا يتجزأ من عملية مواجهة التحديات على غرار الطلب المتزايد على الخدمات العامة، وزيادة تطلعات الجمهور فيما يتعلق بنوعية الخدمات. ومن حيث المنظور المتعلق بالسياسات، يتعين أن تحسن اللامركزية من التخطيط للخدمات العامة وتقديمها عبر الجمع بين الحاجات والظروف المحلية، وتحقيق الأهداف الإقليمية والقطرية في آن معا.

وفي العديد من البلدان تم اقتراح اللامركزية لأسباب اقتصادية. وربما لم تنجز وفرات الحجم لدى تقديم بعض الخدمات على المستوى القطري أو حتى على المستوى الإقليمي، مما يعني أن تقديم المحلات محليا سيكون أقل كلفة.
كما تقترح اللامركزية لتدعيم الديمقراطية عبر تقريب مستوى اتخاذ القرار من المتأثرين بالخطوات التي تتخذها الحكومة. ويتوقع أن يتحسن تقديم الخدمات وتلبية مختلف احتياجات المواطنين إذا كان من يقدمها هم المسؤولون المحليون الذين تتوافر لهم معلومات أفضل عما يريده السكان. كما يتعين أن تتسم اللامركزية بإمكانية المساءلة العامة إذا كانت الحكومات المحلية خاضعة للرقابة الديمقراطية. وفي هذه الحالة ينبغي أن يتسنى للمواطنين التأثير على القرارات التي تتخذها مجالس الحكومات المحلية المنتخبة.

وبالتالي فإن اللامركزية تشكل مكونا هاما من مكونات تطور الديمقراطية، وينعكس هذا الأمر مثلا في الميثاق الأوروبي للحكم الذاتي المحلي الذي اعتمده المجلس الأوروبي في 1985. ويحدد هذا الميثاق عناصر عدة كأساس للامركزة المهمات والتمويل العام، بما في ذلك ما يلي:
إن الحكم الذاتي المحلي يبين حقوق وقدرات الحكومات المحلية، ضمن حدود القانون، على تنظيم وإدارة قسم كبير من الشؤون العامة الواقعة تحت مسؤوليتها ولما فيه مصلحة السكان المحليين (المادة 3-1).
يفضل إيكال المسؤوليات العامة إلى الحكومات الأقرب إلى المواطنين (المادة 4-3).
يجب أن تخصص للحكومات المحلية، ضمن حدود سياساتها الاقتصادية العامة، الموارد المالية الوافية الخاصة بها والتي يمكنها استخدامها بحرية ضمن إطار سلطاتها (9-1).
يجب أن يتأتى جزء من الموارد على الأقل من الضرائب والرسوم المحلية، وللحكومات المحلية السلطة في تحديد معدلاتها، ضمن حدود الأنظمة الأساسية.

اتسع نطاق الخدمات الملقاة على عاتق الحكومات المحلية تدريجيا. وإذ بادرت بعض البلدان إلى وضع مزيجها الخاص فيما يتعلق بتقاسم المسؤوليات بين مختلف مستويات الحكومة، فإن الإطار 2 يبين المسؤوليات التي يعهد بها عادة إلى الحكومة المحلية.

المشاكل التي تعترض تنفيذ اللامركزية
اللامركزية ليست الدواء لكل داء، إذ أن هناك حدود لما يمكن إنجازه بالنظر إلى تنوع العقبات الثقافية، والتاريخية، والاقتصادية، والقانونية، والمالية التي تواجه البلدان. وإعادة توازن السلطة والمسؤولية أو تحقيقه بين مستويات مختلفة من الحكومة يفرض في العادة تحديات سياسية وإدارية هامة. كما أن تفويض السلطات إلى الحكومات المحلية يستدعي إجراء تحولات كبيرة في السلطة السياسية والمالية والإدارية. والأهم من ذلك أن هذا الأمر يمثل في بعض البلدان خطوة كبيرة إلى الأمام على طريق تفكيك بنى القيادة المركزية.
والمشكلة التي تواجه العديد من البلدان النامية هى أن الحكومة المركزية لا توفر حاليا مستوى ملائما من الخدمات وعلى نحو موحد في جميع أنحاء البلد، بل أن العديد من الخدمات الحكومية تتيسر بسهولة نسبية لقاطني المدن الكبرى، فيما تفتقر المناطق النائية إلى وجود وكالات الحكومة المركزية. وفي هذه الحالات فإن تنفيذ اللامركزية على نحو فعال يستدعي الوصول إلى موارد جديدة تتيح تقديم الخدمات في نفس المستوى في كافة أنحاء البلد. والجهود المبذولة لتمكين الحكومات المحلية من تقديم الخدمات لا يمكن أن تقتصر على تحويل الموارد من المركز الذي لا تتوافر فيه هذه الموارد في المقام الأول. وفي هذه الظروف يحتاج بلوغ أهداف اللامركزية زيادة كبيرة وعامة للموارد المالية والبشرية.

شهد المسار المتعلق بتطوير الحكومة المحلية إنشاء المئات، بل والآلاف من الحكومات المحلية الصغيرة في بعض البلدان. ويعد ضمان إدارة كفؤة لمثل هذه الوحدات الصغيرة تحديا فعليا بالنظر إلى الموارد المتاحة لها.

بالرغم من أن القائمة الواردة في الإطار 2 غير شاملة، إلا أنها تبين حجم المشكلة التي تطرحها المسؤوليات المترتبة عن لامركزة المسؤوليات نحو الحكومات المحلية، فالعديد من البلدات والقرى الريفية لا تولد ما يكفي من دخل الضرائب المحلية لتغطية التكاليف المترتبة عن تقديم الخدمات، وهو ما أدى بالحكومات المحلية الريفية لا محالة إلى التعويل إلى حد كبير على المنح من الحكومة المركزية. يضاف إلى ذلك أن عدم قدرة الجماعات الريفية الصغيرة على تقديم الخدمات اللازمة قد أدى إلى أن تلعب المدن الأكبر دورا هاما في تقديم الخدمات لا للمناطق الواقعة تحت ولايتها، بل إلى الجماعات المحلية الريفية المحيطة بها أيضا. وبالتالي فإن العديد من البلدان الريفية الصغيرة لا تتعدى كونها وحدات سياسية، بدلا من أن تكون بحق جهات مقدمة للخدمات.

على عكس البلدان الريفية، تحقق العواصم نجاحا أكبر في جمع الضرائب والأموال الضرورية لدعم برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ونظرا للأهمية المالية والسياسية العظمى للعواصم، فقد تركز فيها الاستثمار وتنمية البنى الأساسية والخدمات. وأتى هذا التركيز عادة على حساب الجماعات الريفية الأصغر.

تحاول العديد من البلدان الابتعاد عن إتباع برنامج للامركزية الكاملة عبر اعتماد نهج يمزج بين إلغاء التركيز وتفويض السلطات والمسؤوليات. وغالبا ما تتبع نهجا موضوعيا يتمثل فى محاولة تحقيق التوازن بين المركزية


3 - تمويل اللامركزية -

جرت العادة على تحليل الوظائف الضريبية للحكومات المركزية والمحلية وفقا لدور ومسؤوليات كل منها في إعادة توزيع الدخل، وتوفير النفقات، وتخصيص الضرائب وتحويلها. وتعد المسائل المتعلقة بمدى اتساع نطاق المركزية واللامركزية أمورا أساسية عند دراسة التمويل بين الحكومات. فأي من مستويات الحكومة سيكون مسؤولا عن تقديم خدمات معينة؟ وكيف ستمول هذه الخدمات؟ هذه هي المسائل التي سيعالجها هذا الفصل.
التمويل بين الحكومات

تعد الاعتبارات التوزيعية والاقتصادية الكلية عوامل معارضة للحلول المتطرفة التي تخص الحكومات المحلية بجميع سلطات فرض الضرائب أو أغلبها من جهة، أو تخص الحكومات المركزية بهذه السلطات من جهة أخرى. والخيار الأكثر رجوحا في البلدان حول العالم هو تخصيص مصادر الدخل، على غرار الضرائب، لكل من مستويات الحكومة، بالإضافة إلى أشكال متنوعة من التحويلات بين الحكومات بهدف سد أي ثغرة بين النفقات والمداخيل المجموعة محليا.

لا يوجد حل مقبول عالميا بشأن كيفية تمويل اللامركزية واستثمارات الحكومة المحلية. وتبين الدروس المستخلصة من تجربة بلدان عديدة أن أولى الخطوات هي المقاربة قدر الإمكان بين تحويلات الدخل والنفقات على الخدمات منذ البدء بعملية اللامركزية، مما يستدعي أن تكون عملية اللامركزية عملية تفويض للسلطات تتسم بالحيادية من الناحية الضريبية. وللتوصل إلى هذه الحيادية الضريبية، يجب إعداد تقديرات لجميع تكاليف الخدمات التي ستفوض إلى الحكومات المحلية، ويتعين أن تشكل هذه التقديرات أساسا لاتفاق على مزيج الخدمات والمداخيل التي سيجري تحويلها في النهاية.

تتمثل الطريقة المباشرة لتمويل البنى الأساسية ودعم اللامركزية في تفويض الحكومات المحلية بمسؤولية تقديم الخدمات ومنحها القدرة على تحصيل المداخيل اللازمة . بيد أن العديد من الحكومات المركزية والمحلية في البلدان النامية قد حاولت مقاومة هذا النهج. فمن جهة أولى تعزف الحكومات المركزية عن التخلي عن سيطرتها على أهم الضرائب القطرية لأن ذلك يعني فقدان السيطرة على باب الدخل من الميزانية القطرية. ومن جهة أخرى، لا تبدي الحكومات المحلية أي حماس لتحمل المسؤوليات الهامة الملقاة على عاتق السلطة التي تفرض الضرائب، إضافة إلى كونها غير راغبة في وضع ضرائب محلية لأنها لا تتحلى بالقدرة على إدارة مثل هذه الضرائب. لكن من الممكن اتخاذ الكثير من الخطوات لزيادة القدرة والاستطاعة المحلية بحيث يمكن للحكومات المحلية إدارة عمليات تقدير وجمع الضرائب المحلية تحت الرقابة التنظيمية للحكومة المركزية.

تتبع العديد من البلدان استراتيجية تتمثل في تدعيم الحكومات المحلية من خلال إلقاء مسؤوليات أكبر على عاتقها على صعيد الخدمات التي يمكن تقديمها. وإذ قد يبدو ذلك كعالم يزيد من استقلالية الحكومات المحلية، إلا أن هذه الحكومات لن تتمكن في الواقع من ممارسة سلطاتها الجديدة إلا إذا حصلت على التمويل الملائم. كما أن إيكال الحكومات المحلية بمسؤوليات إنفاق أكبر مما يسعها تمويله من مصادر دخلها سيؤدي إلى عدم التوافق بين الوظائف والأموال، وهو ما يشار إليه بمصطلح "عدم التوازن الرأسى" وينجم عنه اعتماد الحكومات المحلية اعتمادا كبيرا على التحويلات من الحكومة المركزية. وبالتالي فإن من الضروري أن يعرف القائمون على تحديد مسؤوليات الحكومة المحلية مصادر الدخل اللازمة لتمويل هذه المسؤوليات.

يعد "التوازن الأفقي" إحدى المشاكل الإضافية الواقعة في قلب مسألة التمويل بين الحكومات في العديد من البلدان. ويظهر ذلك عندما تكون الحكومات المحلية غير متساوية من حيث عدد السكان والمساحة الجغرافية ومستوى التحضر ودخل الفرد. ويعد وضع برامج اللامركزية والمساواة الضريبية الملائمة لهذا الواقع المعقد تحديا ضخما.

حاجة الحكومات المحلية إلى الاستقلالية الضريبية
من المرجح أن تكون اللامركزية أكثر فعالية عندما يكون في وسع الحكومة المحلية حشد حصة كبيرة نسبيا من دخلها محليا. وإذا كان نقل المسؤوليات من الحكومة المركزية لا يترافق بقدرة مكافئة على تمويل عملية تنفيذ هذه المسؤوليات، فإن الخطر يكمن في أن تصبح عملية اللامركزية خيالية إلى حد كبير. وفي هذه الحالة ستبقى الحكومات المحلية معتمدة على نحو مبالغ فيه على رغبة الحكومة المركزية في تمويلها. وبما أن الحكومة المركزية تضع الأنظمة وتستحوذ على الضرائب ذات العائد الأكبر لاستخدامها الخاص، فإن الحكومات المحلية لا يمكنها الوصول إلى الدخل المتأتي عن الضرائب وإلى الموارد التي قد تحررها فعلا من قيود الاعتماد على التحويلات. وتعد التحويلات بين الحكومات عنصرا حيويا بالنسبة للحكومات المحلية، لكن ينبغي ألا تستخدم لمنع الحكومات المحلية من بلوغ حالة الاستقلال الملائمة. وبدون وجود مصدر للدخل الوافي تتحكم فيه الحكومة المحلية، لن يكون في الإمكان التوصل إلى درجة ملائمة من الاستقلالية الضريبية.
ينبغي أن يكون في وسع الحكومات المحلية جمع الدخل اللازم لتمويل تكاليف الخدمات المقترحة من المستفيدين من هذه الخدمات. والصلة بين المستفيدين ودافعي الضرائب هي صلة هامة على مستوى المالية العامة، غير أن الخدمات العامة يجب أن تقررها جماعة المستفيدين الذين يتعين عليهم تسديد تكاليفها أيضا. ويبقى أن مسلك الضرائب المثالي يقوم على "فرض الضريبة وفقا للمنفعة" عندما يتعلق الأمر بوظيفة تخصيص الأموال. فالمداخيل المجموعة محليا التي تنفق محليا لما فيه منفعة دافعي الضرائب المحليين تمثل الصلة المباشرة بين الضريبة والمنافع التي تعود منها على الجماعة المحلية بأكملها، مما يعني أن على المواطنين المحليين دفع ضرائب أعلى إذا أرادوا الحصول على خدمات أفضل، أو إذا كانت الحكومة المحلية غير كفؤة، وهو ما يشكل الحافز المناسب للمواطنين المحليين في فترة الانتخابات. كما أن ارتفاع مستوى الضرائب المفروضة يجرد الحكومة المحلية أيضا من العذر المتمثل في قلة الأموال القادمة من الحكومة المركزية لتغطية فشلها في تقديم الخدمات المحلية.

ومن الناحية العملية، هناك تنوع كبير في نسبة الموارد المجموعة محليا، أو تلك التي يكون للحكومات المحلية سلطة قرار كبيرة بشأنها. ومن الصعب قياس هذه النسبة لأن مثل هذه القياسات تتطلب تقدير حصة وطبيعة التحويلات الحكومية، وكذلك درجة الاستقلالية الفعلية للحكومات المحلية في تحديد مستوى الموارد المجموعة محليا (الضرائب وغيرها). لكن هناك اتفاق عام على أن استقلالية الحكومات المحلية في البلدان النامية ما زالت ضعيفة بالمقارنة مع الممارسات المتبعة في بلدان أخرى. والميزة المتمثلة في زيادة الضرائب المحلية مقارنة بترتيبات زيادة تقاسم الضرائب هي أن التحكم في "الضريبة الذاتية" يزيد من مستوى المساءلة، ويؤثر في سلوك السكان المحليين والحكومات المحلية على نحو إيجابي.

مصادر الدخل المحتملة للحكومات المحلية
تختلف تركيبة الدخل اختلافا كبيرا بين البلدان، لكن أهم أنواع المداخيل التي تجنيها الحكومة المحلية تتمثل عادة فيما يلي:

الدخل المتأتي عن بيع الخدمات (المداخيل غير الضريبية والرسوم/الأتعاب المترتبة على المستخدم).
الاقتراض، للإنفاق على الاستثمار مثلا.
أنواع مختلفة من المنح (العامة والمخصصة مثلا) التي تتوافر من الحكومة المركزية للحكومات المحلية.
الدخل المتأتي عن الضرائب: الضرائب المحلية (الضريبة على الملكية مثلا) أو الضرائب القطرية المتقاسمة.

تعد الأتعاب المترتبة على الخدمات مصدرا هاما للدخل، لاسيما إذا اعتبرت الحكومات المحلية جهات مزودة بالخدمات في المقام الأول. وتعتبر وجهة النظر هذه موافقة على نحو جزئي لمفهوم نقل بعض المسؤوليات إلى المستوى المحلي عبر استخدام معايير الكفاءة في تخصيص الموارد. وبالتالي يمكن تمويل هذه الخدمات من خلال فرض الرسوم.

تعد المنح المقدمة من الحكومة المركزية عاملا أساسيا. وما تزال المنح مصدرا هاما لدخل الحكومات المحلية رغم تراجعها. ففي عدد من البلدان تمثل التحويلات القادمة من المركز 50 فى المائة أو أكثر من الميزانية المحلية. وستبقى المنح عنصرا هاما بالنظر إلى اتساع نطاق المسؤوليات الملقاة على عاتق الحكومة المحلية و ضعف المستوى العام لمصادر الدخل المحلية. ويفترض أن تكون المنح جزءا من الدخل المحلي فقط لأن الحكومات المحلية تتعرض لقدر اكبر من المساءلة بشأن الدخل الذي تجمعه مباشرة في العادة، ولأن دافعي الضرائب يتمتعون بقدرة أفضل على الربط بين الخدمات العامة المقدمة لهم والضرائب المدفوعة إذا كانت العمليتان تنفذان من قبل حكومة وحيدة.

يعتبر التقاسم الأوتوماتيكي للدخل المتأتي عن الضرائب القطرية (أو الإقليمية) حلا لتمويل عملية اللامركزية في العديد من البلدان. ويتيح هذا النهج للحكومات المركزية الإبقاء على تحكمها في معدلات الضريبة وإدارتها، ويضمن في الوقت نفسه حصول الحكومات الإقليمية على دفق أكبر من الدخل. لكن التقاسم الأوتوماتيكي للدخل لا يشكل دوما أساسا متينا لتمويل اللامركزية ومشاريع البنى الأساسية المحلية. وحيثما تحتفظ الحكومة المركزية بسلطة تعديل مستوى الحصة من الضرائب المجموعة قطريا في كل عام، فإن الحكومات المحلية تستمر في المعاناة من شك أساسي فيما يتعلق بدخلها، مما يصعب من تقدمها في وضع الميزانية وتخطيط التمويل.

ارتفعت معدلات ضريبة الدخل خلال القرنين الأخيرين، لاسيما في أوقات الحرب، حتى بلغت مستويات تاريخية في الثمانينات. ومنذ ذلك الحين هبطت معدلات ضريبة الدخل الفردية، لاسيما تلك المفروضة على الشرائح العليا من الدخل. وتبين الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن حصة ضريبة الدخل الشخصية من الدخل الضريبي الإجمالي في بلدانها الأعضاء قد هبطت وسطيا من 30 في المائة في 1975 إلى 27 في المائة في 1998. وهناك ضغوط ديمقراطية واقتصادية ستمنع على الأرجح أي تغيير ملموس في الوضع الحالي.

جرت العادة على اعتبار ضرائب الشركات هدفا ضريبيا سهلا. ولم تؤد زيادة الضرائب على الشركات قط إلى خسارة الكثير من الأصوات، لكن الوضع تغير الآن نتيجة للتنافس الدولي الحاد لجذب الشركات إلى مواقع قطرية أو إقليمية. وتعد معدلات الضريبة على الشركات عاملا هاما مؤثرا على قرارات الشركات المتعددة الجنسيات فيما يتعلق بموقع الشركات التابعة لها، مما يشكلا بالتالي عاملا معيقا يمنع الحكومات من زيادة معدلات الضريبة على الشركات لإعادتها إلى مستواها السابق.

شهدت مساهمات الضمان الاجتماعي ارتفاعا لتواكب زيادة الاستحقاقات الاجتماعية وهي تشكل اليوم 25 في المائة وسطيا من الضرائب المفروضة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

بقيت الضرائب على الاستهلاك ثابتة في متوسطها مقارنة بالضرائب الأخرى في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وباعتبارها مصدرا للدخل، لكن التركيز اليوم يطال الضرائب ذات القيمة المضافة. وهناك معوقات اقتصادية وتنافسية وديمقراطية يتعين على الحكومات أخذها في عين الاعتبار عند النظر في زيادة معدلات الضريبة على الاستهلاك.

تظهر الضرائب على الملكية تغيرا كبيرا في نسبتها مقارنة بالدخل الضريبي الإجمالي. وإذا شمل هذا التعريف الضريبة على الثروة وغيرها من الضرائب ، فإن الضرائب على الملكية تشكل ما يزيد على 10 في المائة من مجموع الضرائب في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان. وقد شكلت الضرائب على الملكية مصدرا هاما للدخل المتأتي من الضرائب القطرية والمحلية في القرون الماضية، لكنها شهدت تراجعا طويل الأمد ولا تشكل اليوم إلا قرابة 5 في المائة من الدخل الضريبي في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. بيد أن أهمية الضريبة على الملكية لا تربط بالقاعدة الضريبية القطرية، بل بالقاعدة الضريبية المحلية.

فرض الضرائب المحلية
تعد خيارات الحكومات المحلية للضريبة الجيدة محدودة مقارنة بالخيارات المتوافرة للحكومات المركزية أو حتى للحكومات الإقليمية، ويعود ذلك إلى أن المستويات العليا من الحكومة أكبر عددا، ولأنها تضم مناطق ولاية آهلة بعدد أكبر من السكان، وأنها تتمتع بقدرة أكبر على إدارة الضرائب. ويتعين أن يتوافر في ضريبة ما عدد من الشروط التي تجعل منها "ضريبة محلية خاصة" جيدة:
ينبغي أن يرتفع دخل الضريبة المحلية الجيدة مع مرور الزمن كي يواكب النمو الطبيعي للتكاليف وكي يلبي الحاجة المتزايدة للخدمات العامة المحلية.
ينبغي ألا تكون الضرائب المحلية كثيرة التأثر بالتقلبات الدورية.
ينبغي أن تكون الضريبة المحلية الجيدة موزعة على نحو متساو نسبيا بين الحكومات المحلية. وربما يتطلب الأمر مساواة الدخل بين الحكومات المحلية لموازنة الفرق في الوصول إلى القاعدة الضريبية.
حجم الدخل المحتمل هام، وإذا أتيح للحكومات المحلية فرض ضرائب ذات ريع صغير نسبيا، فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور اختلالات رأسية (أي إيكال الحكومات المحلية بمسؤوليات أكثر مما يمكنها تمويله باستخدام مصادر دخلها المحلية).
ينبغي وجود علاقة وثيقة بين المواطنين الذين يدفعون الضريبة والمواطنين المستفيدين منها.
يجب أن تكون تكاليف إدارة الضريبة زهيدة، أي أن ريع الضريبة يجب أن يكون أعلى من التكاليف الإدارية. ويتمثل الهدف الواقعي في أن تشكل تكاليف إدارة الضريبة على الملكية أقل بكثير من 5 في المائة من الدخل المتأتي عنها.


وفقا لتصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ينبغي تحديد مدى استقلالية الحكومة المحلية فيما يتعلق بالدخل وفقا لشرطين: الحرية في تحديد القاعدة الضريبية وتحديد معدل الضريبة (القاعدة الضريبية هي القيمة الجماعية لأصول الملكية الخاضعة للضريبة. أما معدل الضريبة فهو النسبة المدفوعة كضريبة من قيمة أصول الملكية). وقد وضعت المنظمة التصنيف التالي للمداخيل الخاصة والمتقاسمة وفقا لدرجة استقلالية الدخل المحلي:

الحكومة المحلية تتحكم في معدل الضريبة وقاعدتها؛
الحكومة المحلية تحدد معدل الضريبة؛
الحكومة المحلية تحدد قاعدة الضريبة؛
ترتيبات تقاسم الضريبة؛
الحكومة المحلية تحدد قسمة الدخل.

وحيث أن الضرائب المحلية تشكل عادة المصدر الأهم للدخل المستقل الذي تحصل عليه الحكومات المحلية، فإن القدرة على التأثير في القاعدة الضريبية ومعدل الضريبة أو المداخيل المجموعة يعد شرطا هاما للغاية. وإذا تحلت الحكومة المحلية بمثل هذه القدرة سيكون في وسعها تعديل مستوى الخدمة ليتماشى وظروفها المالية.

إن تجنب التضارب في المصالح ممارسة رشيدة، وبالتالي ينبغي معالجة عمليتي تحديد القاعدة الضريبية وتحديد معدل الضريبة على نحو منفصل ومستقل. وتتم عملية تحديد القاعدة الضريبية على يد مقيمين وتخضع للمساءلة عبر عملية استئناف. أما تحديد معدل الضريبة فهو في العادة من مسؤوليات السياسيين المنتخبين. وتقسيم المسؤوليات هذا مطلوب حتى وإن جرت عملية تحديد القاعدة الضريبية وتحديد معدل الضريبة على نفس مستوى الحكومة. كما يمكن تجنب التضارب في المصالح من خلال تنفيذ العمليات على مستويات مختلفة من الحكومة. فعلى سبيل المثال وعندما تكون المصادر المحلية قليلة، فإن الحكومات المحلية قد تحاول تضخيم القاعدة الضريبية بغية زيادة دخلها، أو قد يحاول بعض النافذين محليا فرض الضغوط للتقليل من الضرائب المفروضة عليهم. وفي مثل هذه الحالة قد يقدم المقيمون من الحكومة المركزية تقديرا أكثر موضوعية للقاعدة الضريبية.

تتوافر الكثير من المطبوعات بشأن الشروط التي يجب توافرها في الضريبة المحلية الجيدة، ومن الممكن تقييم حسن أداء كل من الضرائب البديلة بالاستناد إلى هذه الشروط. والواقع أن هذا النوع من العمليات قد يكون مفيدا، لكنه محدود إذ لا توجد ضريبة محلية مثلى، لكن هناك اتفاق دولي عام في الرأي بشأن الضرائب التي تعطي أفضل النتائج. وأكثر الضرائب المحلية انتشارا هي الضريبة على الملكية والضرائب على الدخل والمبيعات. وقلة هي البلدان التي تطبق ضرائب محلية ذات عائد ضخم غير تلك المذكورة آنفا.

الضريبة على الملكية هي ضريبة فعالة لأن طبيعة الملكية تسهل على الحكومات المحلية تحديد دافعي الضرائب وجبايتها. والضريبة على الملكية أقل جاذبية على العموم للحكومة المركزية لأن عائداتها أقل بكثير في العادة من ضريبة الدخل والضرائب على المبيعات والشركات. كما أن الضريبة على الملكية لا تعتبر عادة كأداة تستخدم في السياسات الاجتماعية والاقتصادية الواسعة النطاق التي تقع ضمن نطاق صلاحيات الحكومة المركزية.

الضريبة على الملكية الريفية
يمكن أن تشكل الضريبة على الملكية موردا جيدا للدخل المحلي يمكن نسبيا التنبؤ به، إضافة إلى كونها ثابتة وغير مشوهة. وينبغي بالطبع ألا ينظر إلى الضريبة على الملكية وحدها، بل بالعلاقة مع غيرها من الضرائب المحلية والقطرية. إن النظام الضريبي في بلد ما موجود لخدمة الأهداف القطرية الاجتماعية والاقتصادية. والاعتبارات التفصيلية المطلوب توافرها عند وضع أو إدارة أي ضريبة فردية يجب ألا تحجب الرؤية للنطاق الأوسع التي تستند إلى التاريخ والخبرة الدولية.

الضريبة على الملكية هي ضريبة سنوية على الملكية العقارية، وعادة ما تكون ضريبة محلية، لكنها ليست دوما ضريبة محلية. وهي تستند في أغلب الأحيان إلى مفهوم القيمة السوقية. وقاعدتها الضريبية قد تكون الأراضي وحدها، أو الأراضي والأبنية، أو أية تفرعات عن هذه العوامل. تحقيقا لأغراض هذا الدليل، ستقتصر دراسة الضريبة على الملكية على الضرائب السنوية، وسيستثنى منها الضرائب السنوية على الثروة والضرائب المفروضة لمرة واحدة على التحويلات والأرباح المتأتية عن رأس المال.
تفرض الضريبة على الملكية الريفية في العادة على الملكيات التجارية والصناعية والمنزلية الواقعة في المناطق الريفية، إضافة إلى الأراضي والمباني الزراعية. واستخدام الضرائب على الملكية ليس فريدا فى نوعه فالعديد من البلدان حول العالم تفرض الضرائب على الأراضي الزراعية وغيرها من الملكيات الريفية. كما أن الضرائب على الملكية الريفية ليست جديدة، بل تعود إلى ثلاثة آلاف عام على الأقل. ومواطن قوة وضعف هذا النوع من الضرائب معروفة، بل وقد تكون مفهومة أكثر من أي ضريبة أخرى.
تميل العديد من البلدان النامية إلى التركيز على فرض الضرائب على الملكيات الحضرية، على الأقل في البداية، لأنها الملكيات الأكثر قيمة في العادة. وحتى إذا فرضت الضرائب على الأراضي الزراعية والحرجية، فإن معدلات الضريبة تكون متواضعة في العادة مقارنة بالأراضي الحضرية. بيد أن ضم الملكية الريفية إلى الوعاء الضريبي في البلدان النامية يجب أن يعتبر توجيها هاما في ميدان السياسات، يسعى إلى توسيع نطاق قاعدة الضريبة على الملكية بأكبر قدر ممكن. وإن توسيع القاعدة الضريبية على هذا النحو يشكل أحد موارد الدخل القليلة التي تتسم بالثبات والتي تتوافر للحكومات المحلية الريفية.
ميزات هذه الضريبة واضحة وتشمل ما يلي:
إمكانية تطبيقها من الناحية الفنية والإدارية والاستمرار فيها في معظم الظروف.
قلة تكاليف إدارتها وإمكانية التوصل إلى تحقيق نسبة 2 فى المائة أو أقل بين التكاليف والعائد.
صعوبة تفاديها أو التهرب من تسديدها، وإمكانية تحقيق نسبة جباية تبلغ 95 فى المائة بسهولة.
الشفافية.
الجمهور مدرك لمفهوم القيمة السوقية (سواء قيمة رأس المال أو قيمة الإيجار) وبالتالي فهو يتفهم أساس التقدير.
وعلى نحو عام هناك علاقة وثيقة بين القيم المقدرة والقدرة على التسديد.
إذا كانت الضريبة حسنة التصميم، يمكن عندئذ أن تكون مطردة هامشيا.
الدخل متوقع ومزدهر.
الضريبة ملائمة كمصدر للدخل المحلي للحكومات المحلية.
تفرض هذه الضريبة المساءلة السياسية على المسؤولين المنتخبين محليا. وإذا ما قرروا زيادة الضريبة على الملكية، فإنهم سيواجهون الانتقاد المباشر من الناخبين.


مساوئ الضريبة على الملكية أقل وضوحا من محاسنها. فالضريبة ليست ضريبة مثلى ولا تقبل بالاستحسان غالبا، لكن من الجدير التذكير بأنه لا توجد ضريبة مثلى وأن فرض الضرائب لن يلق الاستحسان قط.

تنطوي بعض الحسنات على سيئات خفية. فشفافية الضريبة تظهر مواطن التضارب التي قد تأخذ حجما مبالغا فيه في نظر الجمهور. ومواطن التضارب هذه قد تكون إما تضاربات في التقدير (وهو أمر لا مفر منه في قائمة تقدير الضريبة على الملكية التي قد تتضمن آلاف، بل ومئات الآلاف من الملكيات) والتضاربات ذات العلاقة بالقدرة على التسديد. والواقع أن الضرائب الأخرى، على غرار ضريبة الدخل، تتضمن أوجه تضارب أكبر من الناحية العملية، لكن الجمهور على علم فقط بكيفية حساب الضريبة، ولا يعلم كيف تطبق فعليا. كما أن السرية تخفي النتائج الفعلية. أما في حالة الضريبة على الملكية فإن الجمهور مطّلع على كيفية عمل نظام الضريبة ويدرك عيوبه كافة. وعلى نحو مماثل فإن صعوبة تجنب الضريبة على الملكية أو التهرب منها يجعلها مكروهة، وهو الحال خاصة في المجتمعات التي اعتاد فيها الأغنياء وأصحاب النفوذ على التلاعب بالنظام الضريبي لخدمة مصالحهم. وهؤلاء هم عادة الفئة الأكثر تنظيما والأكثر نفوذا من الناحية السياسية، ويمكنهم بالتالي معارضة التطبيق العادل للضريبة على الصعيد السياسي أو إعاقته.

هناك أيضا موطن ضعف أقل وضوحا وأصعب إدراكا. ففي بعض الحالات قد توفر الضريبة على الملكية "التمثيل دون فرض الضريبة" لشريحة كبرى من السكان. فالاقتراع العام يعني أن كل ناخب لا يدفع بالضرورة ضريبة الملكية. وإذا كان عدد الناخبين الذين لا يدفعون الضريبة أكبر من عدد دافعيها فإن ذلك سيعود بالضرر على الصلة بين الديمقراطية وفرض الضرائب على المستوى المحلي. كما أن الآثار السلبية المتأتية عن هذا الأمر ستتعاظم إذا شكلت الضريبة على الملكية الدخل المحلي الوحيد الذي يقع تحت سلطة الحكومة المحلية. وفي هذه الحالة فإن زيادة طفيفة في إجمالي الإيرادات قد تستدعي زيادات ضخمة في الضرائب الفردية على الملكية بسبب قلة عدد دافعي الضريبة.

هناك أيضا مشكلة تحقيق "ازدهار" ضريبة الملكية. يشير مصطلح "الازدهار" إلى التغير في إيرادات الضريبة، وفيما يتعلق بالضريبة على الملكية، يعتمد هذا الازدهار على آليتين: أولهما إعادة تقدير الملكيات على نحو منتظم. وفي حال ارتفاع القيم في السوق تؤدي إعادة التقدير إلى زيادة القاعدة الضريبية. أما الآلية الثانية فهي زيادة معدل الضريبة لتحقيق الإيرادات اللازمة. وتكتسي كلا الآليتين صبغة سياسية طاغية. ومن الناحية النظرية لا يمكن لأي من الآليتين تيسير الازدهار. ومن الممكن فنيا زيادة معدلات الضريبة بالاستناد إلى لائحة غير محدثة لتقديرات ضريبة الملكية. بيد أن التجارب في عدد من البلدان تبين أن الجمهور لا يفهم ولا يقبل بلائحة تقدير غير محدثة. وتوجد على الدوام مقاومة لإعادة التقدير، وكلما مضى زمن أطول على لائحة التقدير، كلما زادت هذه المقاومة. ويكمن العامل الأساسي وراء تراجع إيرادات الضريبة على الملكية في الفشل في القيام بعمليات إعادة التقدير على نحو منتظم.

يجب ألا يستهان بالصعوبات التي تعترض عملية التنفيذ. ورغم أن في الإمكان التغلب على الصعوبات الفنية، إلا أنها قد تعترض طريق التقدم، لاسيما خلال المراحل الأولى من التنفيذ. ومن بين هذه العوامل الفنية:

يعتمد النظام على مجموعة من الخبرات الفنية التي تستخدم لوضع لائحة تقدير والاحتفاظ بها، ولوضع وتطبيق عملية الاستئناف. لكن العديد من مناطق الولاية تفتقر إلى الموظفين المؤهلين، لاسيما على المستوى المحلي.

قد تستغرق بعض مراحل العملية وقتا طويلا وقد تكون مكلفة، على غرار وضع لائحة شاملة للملكيات التي تفرض عليها الضريبة (لاسيما إذا كانت السجلات قليلة أو ناقصة، أو في حال وجود العديد من المشاكل المتعلقة بالوضع القانوني)؛ إيكال تقديم الخدمات إلى القطاع الخاص؛ إنشاء محكمة تقديرات لتحديد الحالات التى تتوجب الطعن وتقديم الدعم الإداري والمتعلق بالبنى التحتية (على غرار تكنولوجيا المعلومات المخصصة لنظام التقدير ونظام المحاسبة المالية لإتمام تدابير الإشعار بالدفع والجباية والإنفاذ).

الحقيقة أن الجمهور مدرك عموما لمفهوم القيمة السوقية، لكن الإبهام يتأتى عن العلاقة بين "القيمة الخاضعة للضريبة" وتحديد "معدل الضريبة"، وهي الحال على نحو خاص بالنسبة لعمليات إعادة التقدير التي تجري بعد فترة طويلة، أو إذا لم توجد الإرادة السياسية لزيادة معدل الضريبة، مما يؤدي غالبا إلى عدد كبير من الطعون غير المبررة.

إضافة إلى أن الضريبة على الملكية مصدر أولى لدخل الحكومات المحلية، فإنها قد تشكل دعما لوظائف الحكومة الأخرى، إذ يمكن لأجهزة أخرى استخدام لوائح التقدير الموضوعة لاستخدام الحكومة المحلية، لاسيما تلك الأجهزة التي يطلق عليها اسم " السلطات ذات الوظيفة الوحيدة" مثل مجالس إدارة المياه. ففي بعض الأحيان تحدد رسوم المياه بالاستناد إلى القيمة التقديرية للملكية على لائحة التقدير الخاصة بضريبة الملكية. وتتسم مثل هذه التدابير بكفاءة مردوديتها، ولها صلة معقولة باستخدام الماء في ظروف عديدة (على الرغم من وجود حالات لملكيات تجارية وصناعية تستهلك قدرا قليلا من المياه لكن قيمتها مرتفعة نسبيا). كما يمكن أيضا تمويل مجالس الصرف الصحي عبر رسوم تستند إلى لوائح التقدير، وهي طريقة أفضل من الرسوم القائمة على مساحة الملكية فقط.

المنافع التي تعود بها الضريبة على الملكية هي منافع محلية لا قطرية في غالبيتها العظمى. وسيكون من الواضح في كل بلد تقريبا أن توسيع نطاق الضريبة على الملكية ليشمل المناطق الريفية سيكون له أثر محدود على إجمالي العائد القطري من الضرائب. والقاعدة الضريبية الريفية أقل حجما من القاعدة الضريبية التي يشكلها الاقتصاد الحضري. وتتعدد الحالات التي تنتج فيها عاصمة قطرية ومدينتين أو ثلاث مدن رئيسية الجزء الأكبر من الناتج الإجمالي المحلي. كما أن الحجم النسبي للناتج الإجمالي المحلي في إقليم ما يشكل مؤشر جيدا لمدى اتساع القاعدة الضريبية. وبالتالي، وعلى سبيل المثال، فإن الضريبة المحسّنة على الملكية التي تشمل البلد بأكمله يمكن أن تنتج 10 في المائة من مجموع الإيرادات الضريبية، ومن المرجح أن الجزء المتأتي عن المناطق الريفية لن يتجاوز 20 في المائة من هذه النسبة. وفي مثل هذه الظروف فإن الضريبة على الملكية قد تشكل 2 في المائة فقط من مجموع الضرائب القطرية وقد تكون إدارتها باهظة الكلفة مقارنة بذلك.

وفي غالبية الأحيان تشكل الأرقام الواردة أعلاه مبالغة في تقدير العائد المحتمل من المناطق الريفية، لكن ذلك لا يقلل من أهمية الضريبة على الملكية الريفية باعتبارها جزءا حيويا من عملية اللامركزية. ولا تكمن أهمية هذه الضريبة في حجمها النسبي من القاعدة الضريبية القطرية، بل في اتساع نطاقها مقارنة بالدخل المتيسر للحكومة المحلية، لاسيما بالنسبة للإيرادات المحلية، وهو السبب الذي يجعل من الضريبة على الملكية أداة حيوية لتحسين ظروف المناطق الريفية.
4- فرض الضريبة على الملكية الريفية -

إن تحويل بعض المسؤوليات إلى الحكومة المحلية في مناطق الولاية التي لا تطبق فيها الضريبة على الملكية قد يستدعي تطبيق نظام جديد تماما للضريبة على الملكية. وفي مناطق الولاية التي يقتصر فيها نظام الضريبة على الملكية على الملكيات الحضرية، لاسيما على الملكيات الموجودة في المدن الكبرى، فإن توسيع نطاق النظام الضريبي الحضري ليشمل الملكيات الريفية قد يستدعي تطبيق الغالبية العظمى من الخطوات الضرورية لفرض نظام جديد تماما للضريبة على الملكية. أما مناطق الولاية الأخرى التي تطبق فيها الضرائب على الملكية فقد ترى أن أنظمتها الضريبية غير فعالة أو لا تعمل بصورة سليمة. ويجري التركيز في هذه الحالات على الانتقال إلى نظام ضريبي أكثر كفاءة وعدالة.

وسواء كان من الضروري تطبيق نظام جديد تماما للضريبة على الملكية الريفية، أو توسيع نطاق نظام ضريبي حضري ليشمل الملكيات الريفية، أو إجراء تحسينات جذرية على الضريبة الريفية السارية، فإن هناك قرارات سياسية هامة يجب اتخاذها. وإذ أن نطاق التنفيذ قد يختلف وفقا لما إذا كانت الضريبة مطبقة للمرة الأولى، أو موسعة، أو محسنة، فإن التغيير سيطال في جميع الأحوال بنية الضريبة وتوزيع عبء دفعها. وحيث أن تصميم الضريبة على الملكية الريفية وتنفيذها أمران حساسان سياسيا، ستبرز الحاجة إلى وضع استراتيجيات للتخفيف من بعض آثار التغييرات القادمة. وينبغي أن يحدد تقييم الأثر كيفية تأثر مختلف الجماعات المستهدفة بالتغييرات المقترحة على النظام الضريبي. كما ينبغي النظر في تطبيق الضريبة على مراحل ملائمة، ويتم ذلك مثلا عبر زيادة عبء الضريبة تدريجيا لتلقي قبولا أكبر ممن سيدفعونها. كما يتعين نشر المعلومات عن الضريبة وكيفية استخدام إيراداتها لكسب دعم الجمهور.

يجب وضع تفاصيل إدارة الضريبة وفقا للفلسفة التي تقوم عليها هذه الضريبة. فما هي الغاية من فرض الضريبة على الملكية؟ وكيف تتماشى مع بنية الحكومة الحالية أو المقترحة؟ وكيف تندمج ضمن استراتيجية اللامركزية؟ وكيف ستندمج ضمن الضرائب الحالية الأخرى؟ وما هي الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تطبيق الضريبة على الملكية أو تعديل الضريبة السارية؟ إن التصميم المفصل للضريبة يتوقف على الإجابات على هذه الأسئلة.
صحيح أن الضرائب على الملكية ملائمة للحكومات المحلية، لكن من الضروري أن تعمد الحكومات المركزية إلى تيسير وضمان استمرار الظروف الملائمة التي تمكنّ الحكومات المحلية من الاضطلاع بمسؤوليات إضافية. وللوزارات المركزية أدوار أساسية في تشجيع اللامركزية وضمان استدامتها من خلال وضع السياسات والأنظمة القطرية الملائمة والفعالة لتدعيم القدرات المؤسسية المحلية على الاضطلاع بمسؤولية الوظائف الجديدة.
وفيما يتعلق بالضريبة على الملكية، يجب الترتيب لاقتسام الوظائف بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية،
المصدر : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
Admin
Admin
المدير
المدير

عدد المساهمات : 972
نقاط : 2426
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

https://chemamin.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية Empty السلام عليكم

مُساهمة من طرف soumia الأحد ديسمبر 25, 2011 12:42 am

مشكور أخي على المجهودات

اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية Images?q=tbn:ANd9GcR0PCxXIxF74zcGAlL9CcgN8mcjDmGsruZp2vTikBcgwP1ZLqe3EdFLxmN2اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية Images?q=tbn:ANd9GcRtg4swqeasdAtgD3DwYGGrzT6HNf-RpwZ05rP3i2K1d2ZMrOjgcfyJ921b0g


اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية Sigpic12576_1
soumia
soumia
عضو مهم
عضو مهم

عدد المساهمات : 136
نقاط : 246
تاريخ التسجيل : 17/12/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اللامركزية والضرائب على الملكية الريفية Empty السلام عليكم

مُساهمة من طرف Admin الأحد ديسمبر 25, 2011 12:49 am

لاشكر على واجب
Admin
Admin
المدير
المدير

عدد المساهمات : 972
نقاط : 2426
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

https://chemamin.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى