المدينة المنورة

أطلس المدينة المنورة
أطلس المدينة المنورة
د. محمد شوقي إبراهيم مكي 38- 39ط1-1405هـ
الأسواق
(أسواق المدينة المنورة قبل الإسلام وحتى 87هـ / 705م
كان في المدينة المنورة قبل الإسلام عدة أسواق متناثرة يقع بعضها بعيداً عن المركز الحالي للمدينة المنورة. وارتبطت هذه الأسواق بتوزيع مناطق استقرار العشائر المختلفة في المدينة المنورة. ولم تكن في هذه الأسواق أية أبنية ثابتة أو أماكن محددة لكل تاجر.ومن هذه الأسواق سوق بني قينقاع وسوق زبالة وسوق العصبة وسوق بني الخيل وسوق بقيع الزبير . وقد استخدم المسلمون هذه الأسواق في بداية عهد استقرارهم في المدينة المنورة وخاصة سوق بني قينقاع حتى ضمت هذه الأسواق في سوق بقيع الزبير في عهد النبي صلى الله عله وسلم. ثم نقل السوق في تلك الفترة إلى المكان الذي كان يعرف باسم البطحاء ويعرف الآن باسم المناخة. ثم وسع السوق نحو الشمال إلى جرار سعد في موضع مقابر منازل بني ساعدة في المكان الذي يعرف الآن بباب الشامي. ويستنتج من وصف السمهودي لمساكن المدينة المنورة في تلك الفترة أن السوق كان خارج المنطقة المبنية وربما يعزى هذا إلى أن السوق قد وجد بعد عدة سنوات من استقرار المسلمين في المدينة المنورة بعد أن بنوا مساكنهم حول المسجد النبوي حيث استخدموا الأسواق الجاهلية.
وقد تم البناء في هذا السوق لأول مرة في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (65 - 87هـ /684 - 705م) ووسع حتى قرب ثنية الوداع الشمالية . وجعل لهذا السوق تسع بوابات تقود إلى منازل ومخيمات سكان المدينة. وبنيت في داخل السوق حوانيت في الدور الأرضي ومساكن في الأدوار العلوية. ويبدو أن مساحة السوق قد تقلصت في هذه الفترة بمقارنتها بمساحته في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد يعلل هذا بأن كثيراً من التجار كانوا يأتون من مناطق مختلفة خارج المدينة المنورة ثم يعودون إلى ديارهم بعد انقضاء تجارتهم دون الحاجة إلى الاستقرار في المدينة المنورة وخاصة بعد انتقال مركز الحكم من المدينة المنورة إلى دمشق في بلاد الشام. ولهذا كان تأثير الوظيفة التجارية في هذه الفترة المبكرة على المنطقة المبنية محدوداً إذ كان التجار ينصبون رحالهم في السوق أو يقيمون مع أقاربهم أو يستأجرون مبنى لهم لفترة محدودة.

(أسواق المدينة المنورة من 923حتى 1337هـ / 1517 - 1918م)

قلت المعلومات كثيراً عن مورفولوجية السوق خلال الفترة الفاصلة بين القرن الأول والقرن العاشر الهجريين إلا من إشارات بسيطة عن بدء التخصص المكاني في ممارسة النشاط التجاري مثل الإشارة إلى دار التمارين في جنوب السوق والحطابين في شمال السوق وربما يعود هذا إلى انقطاع الكتابة عن المدينة المنورة خلال الفترة إلا من إشارات بعض الجغرافيين العرب عن الأحوال العامة في المدينة المنورة .
ويمثل القرن العاشر الهجري بداية التاريخ العثماني في المدينة المنورة الذي امتد من 923هـ إلى 1337هـ. وخلال هذه الفترة كان السوق يحتل موقعاً وسطاً تقريباً في المدينة المنورة، ويمتد إلى سور المدينة الشمالي، أي أن امتداده في هذه الاتجاه قل عن الفترات الإسلامية المبكرة. وقد ازداد تأثير السوق على تركيب المنطقة المبنية نتيجة استقرار التجار في المدينة المنورة.ويتضح تركز النشاط التجاري خلال هذه الفترة حول الباب المصري داخل السور إلا أنه كان يمتد أحياناً إلى خارج الباب الشامي، وخاصة عند وصول القوافل القادمة من بلاد الشام إلى المدينة المنورة. وقد وصف علي بن موسى توزيع الأسواق في المدينة المنورة في أواخر العهد العثماني في سنة1303هـ (1885م) .
ويلاحظ في هذا التوزيع كثافة النشاطات التجارية خارج الباب المصري الواقع بالقرب من منطقة المناخة حيث كانت تعسكر القوافل القادمة من مكة وينبع ومصر وسوريا، ويبدو أن موقع السوق هذا كان مناسباً إذا ما اعتبرنا مخطط المدينة المنورة حيث كانت تنتهي هنا الشوارع الرئيسية (القماشة والعيينة) الموصلة إلى مركز المدينة المنورة. وكانت أسماء ونشاطات الأسواق تشير إلى التخصص في المناطق التجارية مثل سوق الحبابة حيث تباع الحبوب، وسوق القماشة حيث يباع القماش، وسوق الحطب حيث يباع الحطب والفحم.

(أسواق المدينة المنورة 1394هـ / 1974م)

استمرت مواقع أسواق المدينة المنورة في مواقعها القديمة حتى تمت التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي 1370- 1375 هجرية (1950 - 1955م) فانتقلت أسواق الفاكهة إلى جنوبي المنطقة التجارية.
وفي الفترة من 1370هـ (1950م) إلى 1394هـ (1974م) حصلت بعض التغييرات في مواضع بعض الأسواق. ويوضح الجدول التالي: مواقع الأسواق ووظائفها في سنة 1394هـ (1974م)
السـوق المـوقـع الـوظيفـة
الحلقة جنوبي مسجد الغمامة بيع الجملة للفواكه والخضار
الخان جنوبي مبنى الشرطة بيع التجزئية للخضار واللحوم
الحبابة جنوب شرق حي المناخة بيع الحبوب
العياشة جنوب شرقي سوق الحبابة بيع الخبز والجبن والنعناع
السمك غربي سوق العياشة بيع السمك المقلي
السمك غربي الخان بيع السمك الطازج
القبانة غربي الخان بيع السمن والعسل البلدي
التمارة جنوبي سوق الحبابة بيع التمور
الأدوات المنزلية شمالي سوق الحبابة بيع الجملة والتجزئة للأدوات المنزلية
القماشة شرق سوق الحبابة بيع الأقمشة والمجوهرات والعطارة والأحذية البلدية
القفاصة شمال غربي شارع العينية الأقفاص والأسرة المحلية والحياكة
العباءة شمال غربي سوق القماشة العباءات النسائية والمشالح
الغنم شارع السيح الأغنام والماعز والجمال والماشية والحمير
الحطب غربي شارع باب الكومة الحطب والفحم
البرسم شمال غربي شارع العينية البرسيم والأدوات الفخارية
حراج المناخة شرق مبنى البلدية مواد مستعملة
حراج الخردة في حي العنبرية أبواب ونوافذ وأخشاب مستعملة وموادأخرى قديمة وكبيرة الحجم
حراج السيارات غربي شارع المناخة وفي حي باب الشامي سيارات مستعملة

وبعد سنة 1394هـ (1974م) ونتيجة لمشروع التوسعة السعودية الجديدة للمسجد النبوي هدمت معظم الأسواق القديمة مما أدى إلى اختفاء بعض الأسواق مثل: أسواق القماشة، والقفاصة، والتمارة،والحبابة، والعياشة.

الأسواق
تغيير موقع الأسواق

يلاحظ في المدينة المنورة وجود بعض الأسواق التي تتغير مواقعها بشكل أكبر من بقية الأسواق. وغالباً ما تكون هذه الأسواق من النوع الذي يسبب تشويهاً للمنظر أو ضوضاء للسكان مثل أسواق السيارات والغنم، والخردة التي احتلت المرتبة الأولى في طول المسافات التي قطعتها أثناء تحركاتها. فقد بلغت هذه المسافات 4983 متراً بالنسبة لسوق السيارات، 3293 متراً بالنسبة لسوق الغنم، 2724متراً بالنسبة لسوق الخردة، بينما بلغت هذه المسافة نحو2000 متر بالنسبة لسوق المواد المستعملة، 1534 متراً بالنسبة لسوق الحطب، 1241 متراً بالنسبة لسوق الفاكهة، ولقد وصل معدل عدد مرات تغيير مواقع هذه الأسواق إلى نحو أربع مرات خلال 27 عاماً (1375 - 1402هـ / 1955 - 1982م) ولاشك أن هذا التغيير المستمر لمواقع بعض الأسواق يتطلب اهتماماً خاصاً في أية دراسة تخطيطية للمدينة المنورة بحيث تكفل الانسجام في توزيع الاستخدمات المختلفة للأرض والراحة لكل السكان.