تجارب المدن الجديدة في الجزائر

المبحث الثالث: تجارب المدن الجديدة في الجزائر:
 لمحة عن مدينة بوغزول
 مدينة علي منجلي بقسنطينة.
 مدينة أمدغاسن بباتنة.
الجزائر من الدول التي دخلت في تجارب المدن الجديدة، وكما أن كل تجربة تحتمل النجاح و الفشل، كذلك بالنسبة للجزائر فقد كانت بعض تجاربها ناجحة و العض الآخر فاشلة أو بالأحرى عرض المشروع و لم ينفذ نتيجة لعدة عوائق.
و جاءت هذه التجربة لمواجهة تسارع حركة التعمير في المدن الجزائرية و لتنظيم تدخل الدولة عمرانيا عن طريق التهيئة المناسبة من أجل مراقبة النمو اللامتوازن للتجمعات السكانية ومحاولة التحكم فيه.
و من هذه الناحية يرى أحد الباحثين أن هذه السياسة العمرانية التي اتبعتها الجزائر تهدف إلى توفير إطار معيشي أفضل للسكان في محيط ملائم يسمح بالمحافظة على التوازن الاجتماعي و الاقتصادي بين مختلف الأقاليم(1).
كما تقوم هذه السياسة على:
 مدن متوازنة من ناحية الشغل: تقوم على أفضلية مناصب الشغل على السكن لتفادي تكرار تجربة الأحياء المخصصة للنوم(Cité Dortoirs).
 مدن ذات مركز قوي و مهيكل و متنوع: أعطيت فيه الأهمية إلى السكن و العمل و الخدمات، وهي تحاول حماية الأراضي الزراعية المحيطة بها.
 مدن تمثل حقل تجارب للتقنيات الحديثة في ميدان العمران و الهندسة المعمارية والبناء(2).
من الناحية التطبيقية العملية، تم اقتراح أول مدينة جزائرية و هي مدينة بوغزول رسميا سنة 1986.
و تقع مدينة بوغزول أقص جنوب المدية في الحدود مع ولاية الجلفة، على بعد 89 كلم من عاصمة الولاية و حوالي 180 كلم عن الجزائر العاصمة.
و قد تم اختيار هذه المنطقة لإنشاء المدينة الجديدة، بسبب موقعها الجغرافي المتميز، كونها تقع في مفترق الطرق الذي يربط الشمال بالجنوب و الشرق بالغرب، حيث يلتقي فيها الطريق الوطني رقم(1) مع الطريق الوطني رقم (40) "لاروكاد" الذي يربط الشرق بالغرب، مما يسمح لهذه المدينة الجديدة لأن تأخذ مكانة مرموقة تمكنها من إحداث التوازن بالنسبة لبعض النشاطات الموجودة بالعاصمة، و تخفيف الضغط عنها، باحتضانها بعض الصناعات القاعدية، حيث تتربع المدينة الجديدة على مساحة قدرها 5149 هكتار، ويفترض أن يصل عدد السكان بها 100 ألف نسمة بحلول سنة 2020(1).
و صممت المدينة حسب مخطط توجيهي قائم على المبادئ لهيكلة المدينة بطريقة تضمن وضع المدينة في مكان استراتيجي، اختيار مخطط للحركة و النقل أكثر ملائمة للتنظيم العمراني (2).
كانت هذه أولى التجارب الجزائرية حول المدن الجديدة، وكما قلنا سابقا أن التجربة الجزائرية في المدن الجديدة بعضها تم والأخر تأخر، سنقوم بذكر مثالين مفصلين عن مدينتي علي منجلي بقسنطينة و أمدغاسن بباتنة وهته الأخيرة تأخر مشروع بنائها أكثر من عشر سنوات و هي لم تنجز إلى حد الآن.
المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة:
إن مدينة قسنطينة كباقي مدن الجزائر الكبرى، تعيش - منذ ثلاث عشريات تقريبا- جملة من الأزمات و الاختناقات في كل الميادين، وهذا بسبب نموها المتسارع و غير المخطط، الذي امتد إلى المراكز الحضرية المجاورة لها عن طريق تحويل الفائض السكاني إلى هذه الأخيرة، فأصبحت هذه الأخيرة تعاني من الإكتضاض و استنزاف إمكاناتها خاصة العقارية منها، ونتج عن ذلك تجمع حضري يعيش ظروف ضاغطة.
في ظل هذه الوضعية لجأ أصحاب القرار و المخططين إلى اقتراح مشروع المدينة الجديدة علي منجلي عين الباي(1).
أسباب و دوافع نشأتها:
إن اقتراح بناء مدينة جديدة لم تأتي من باب المصادفة بل وراءه دوافع و مسبباتتلح على ذلك و نذكر منها:
1. التقديرات السكانية:
قدر عدد سكان الحضر في التجمع القسنطيني بـ 450000ساكن سنة 1982 و بلغ عددهم سنة 1990 إلى 542000 ساكن و عام 2000 وصل إلى 841000، فحسب هذه التقديرات فإن الحجم الذي يحتويه التجمع يتضاعف في مدة عشريتين(1982-2000). وهذا جدول يبن تطور السكان حسب PUD 1982:
2. الاحتياجات العقارية:
إن هذا النمو الديمغرافي المحتمل يتطلب احتياجات عقارية تقدر بـ: 4072 في سنة 2000،في حين الإمكانات المتاحة في المراكز الحضرية و محيطات توسعها لا تتعدى 3702، أي أن هناك عجز في الاحتياجات العقارية للتجمع قدره 370 هكتار في سنة 2000. و هذا ما أدى إلى ضرورة البحث عن موضع جديد للتعمير يغطي العجز المسجل، و هذا الجدول يوضح ما قيل أعلاه:
3. الاحتياجات من حيث السكن:
تعاني مدينة قسنطينة من أزمة حادة في السكن فحسب التقديرات الواردة في المخطط التوجيهي للتعمير PUD 1982 الخاص بالتجمع فإن احتياجات هذا التجمع في مادة السكن إلى غاية سنة 2000 هي 156858 مسكن (أنظر الجدول رقم 4)، حيث أن عدد السكنات الواجب بناءها في الموضع الجديد (المدينة الجديدة) خلال الفترة 1990—2000 هو 12500 مسكن لتستقبل بذلك حوالي 76000 ساكن(1) . إلى غاية نهاية هذه الفترة.
4. تقدير الاحتياجات من حيث السكن:
يحتمل تناقص النمو الطبيعي تدريجيا إلى إن يصل إلى معدل 2% سنويا سنة 2020، وللوصول إلى معدل إشغال المسكن (5 أفراد/ المسكن) في 2020 يجب أن تزداد الحضرية السكنية ب 150% مما عليه عام 1991 و هذا الجدول يبين الاحتياجات من حيث السكن حسب التقرير الأولي لماذا مدينة جديدة؟ 1991(1).
5. تقدير الأنشطة و الشغل:
أحتمل استمرار انخفاض نسبة البطالة في العشرية الفارطة أي ما بين أي ما بين الإحصاءين(1977-1987) إلى أن تصل نسبة 5% سنة 2020، في هذا الأفق يكون عدد المشغلين في التجمع أكثر من ضعفهم، في عام 1990 ينتظر خلق 146750 منصب شغل جديد إلى غاية 2020 و تكون نسبة 30% من هذه المناصب الجديدة ممثلة في القطاع الثاني(1).
وهذا الجدول يوضح تقديرات الشغل و الأنشطة حسب التقرير الأولي لماذا مدينة جديدة؟ 1991.

في الأخير انتهى مكتب الدراسات URBACO لهذه الأسباب و أخرى إلى أن التجمعات الحضرية التي يضمها التجمع القسنطيني تتوفر بها إمكانية تكفي لتلبية السكن إلى نهاية سنة 2008 لهذا فالمدينة الجديدة تعتبر حل مناسب في إطار إستراتيجية التوسع المجالي للتجمع.
هدف المدينة الجديدة علي منجلي:
إن السبب الرئيسي الذي أدى إلى بروز المدينة الجديدة يكمن في تسارع التحضر في المجتمع القسنطيني، وندرة الأراضي الصالحة للتعمير بالمراكز الحضرية المشكلة للتجمع، وجاء اقتراح بناء هذا القطب الحضري الجديد بهدف إعادة التوازن للشبكة الحضرية للتجمع و الولاية ككل و فك الاختناق المضروب على المراكز الحضرية للتجمع عامة ومدينة قسنطينة خاصة.

توطين المدينة الجديدة:
تنتمي مدينة علي منجلي إلى فئة المدن المجاورة للمدن المتروبولية لكنها منفصلة عنها و تعود أسباب هذا التوطين إلى عوامل يمكن عرضها من خلال عرض موقعها المحلي و الإقليمي وكذا موضعها.
أ‌- موقعها:
اختير للمدينة الجديدة علي منجلي موقع يتوسط شبكة حضرية، كما يتجلى ذلك في الشكل رقم (1). تتكون مدينة متروبولية عاصمة الإقليم و الولاية اللذان تنتمي إليهما و تبعد عنها بـ : 13 كلم جنوبا.
و المراكز الحضرية المشكلة لتجمع قسنطينة الكبرى (الخروب، عين سمارة، ديدوش مراد، حامة بوزيان) تقع إداريا ضمن الحدود الغربية لبلدية الخروب و الحدود الشرقية لبلدية عين سمارة، و هناك عوائق تمنع حدوث ظاهرة التلاحم الحضري التي يمكن أن تنتج عن طريق توسع و اقتراب المراكز الحضرية من بعضها البعض وهته العوائق هي:
 المطار الواقع شرق المدينة الجديدة يشكل منطقة ارتفاق يحد توسعها في هذا الاتجاه.
 الأراضي الزراعية من الناحية الشمالية و الجهة الغربية.
كما أن موقعها يشغل مركز شبكة حضرية جهوية تتكون من أهم مدن إقليم الشمال
الجزائري،" باتنة جنوبا، أم البواقي و قالمة شرقا، جيجل و سكيكدة شمالا،
وسطيف غربا".
كما أن هناك شبكة فعالة من الطرقات الوطنية "03، 05، 79" و الطريق الولائي
رقم"101" الذي يشقها إلى قسمين.
ب‌- موضعها و سبب اختيارها:
وقع اختيار هذا الموقع من طرف فريق دراسة متكون من تقنين اجانب سنة 1974 إذ عين كمنطقة للتوسع المستقبلي للمدينة المتروبولية قسنطينة نظرا لما يمتاز به من خواص تسمح له باستقبال مختلف المشاريع التعميرية.
كذلك كل بلديات هذا التجمع قصيرة و محدودة الأراضي الصالحة للتعمير في حين تتوفر هضبة عين الباي على احتياطي عقاري معتبر حيث تقدر مساحتها بـ: 6000 هكتار وهو ما يعادل 25 % من مساحة الأراضي القابلة للتعمير في ولاية قسنطينة ككل (1).
فاقتطع منها ما يعادل 1500 هكتار يخصص لاستقبال مشروع المدينة الجديدة علي منجلي و الذي يمكن عرض خصائصه الطبيعية و الزراعية كالأتي:
- موضع شاغر ذو أراضي رديئة من حيث القيمة الزراعية.
- موضع يتميز باتصالية جديدة حيث تجاوره شبكة نقل هامة و مستمرة التطور مما يسمح للمدينة بالتعامل والتبادل مع المنطقة و الإقليم المنتمية إليهما.
- طوبوغرافيا موضعها عبارة عن هضبة شبه منبسطة ذات انحدارات ضيقة ،ضعيفة، ارتفاعها متوسط على سطح البحر الذي يقدر ب 800 م. حيث لا تتطلب تكاليف باهظة و غير معرضة للأخطار الطبوغرافيا.
- جيولوجيا: المنطقة ذات تكوينات صخرية صلبة تشكل قاعدة ذات طاقات ملائمة لاستقبال مختلف المنشآت و البنايات و هذا ما تبينه الخريطة الجيولوجية و المقطع الجيولوجي.
- المناخ: لا يختلف كثيرا عن مناخ مدينة قسنطينة الذي تعرف خصائصه الواجب أخذها بعين الاعتبار في أعمال التخطيط و الهندسة. كما أنه مناخ سهل التأقلم بالنسبة لسكان التجمع.
برنامج التخطيط في مخطط شغل الأرض POS01 .
مخطط شغل الأرض رقم 01 يشمل عدد كبير من المرافق و التجهيزات المتنوعة و ذلك بحكم مساحته المعتبرة و المقدرة بــ 540 هكتار . ناهيك عن التجهيزات و المرافق ذات البعد المحلي و حتى الإقليمي كالمسرح والمكتبة الوطنية و غيرها . و شمل هذا المجال 43 تجهيز موزعة في قطاعات كما يوضحه الجدول التالي

و تجدر الإشارة إلى أن مساحة التجهيز بالمقارنة مع المساحة الإجمالية للمخطط تعادل نسبة 14.81 أي ما يمثل 80 هكتار و يشكل قطاع التعليم فيها نسبة 58 من إجمالي المساحة العقارية المخصصة للتجهيز .

مشاكل المدينة الجديدة على منجلي
جاءت المدينة الجديدة علي منجلي كحل سريع للازمة الخانقة التي تعاني منها مدينة قسطنية و لقد تسببت السرعة في انجازها بتوليد مشاكل عديدة أهمها :
• غياب الهيئات المختصة في دراسة و تسيير و انجاز المدينة الجديدة علي منجلي و بروز سلطة الوالي باعتباره المسير الأول لكل العمليات .
• عدم تحقيق المدينة لهدفها بان تكون مدينة مستقلة بذاتها و بقيت تابعة إداريا لبلدية الخروب لحد ألان .
• من خلال التوزيع المجالي للتجهيزات لوحظ وجود خلل و عدم الدقة في هذا التوزيع إذ وجد أن المدرسة الأساسية مالك حداد واقعة مباشرة على المحور الرئيسي للمركز الذي يتسم بالحركية القوية بالإضافة إلى الاكمالية احمد سعدة خلخال الواقعة على محور طريق رئيسي .
• المساحات الخضراء غير منجزة و إن وجدت فهي قليلة و غير منظمة .
• نصف المباني غير منجزة و الإنارة العمومية قليلة .
• من ناحية البنى التحتية فهناك طرق غير معبدة وشبكات مختلفة غير منجزة .
• ظهور ظاهرة الإجرام الناتجة عن الانحرافات و يعود السبب في هذا إلا أن معظم سكان المدينة الجديدة علي منجلي أتوا من الضواحي و المناطق العشوائية ... حيث سيادة الضبط الغير رسمي و هذا يعتبر مشكل عويص لا ينبغي ان نغض النظر عنه(1).

موضوع في القمة بارك الله فيك

وفيك بركة

موضوع يستحق الطرح
والتوسيع لان المدن الجديدة اصبحت من اهم الحلول
للمدن القديمة القائمة او المدن التي تشهد
توسع كبير وسريع في ضل ضغر المساحة
حيث يجب ان تخصص دراسات متكاملة لهاته المدن
مشكور