التسيير والتقنيات الحضرية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التسيير والتقنيات الحضرية
التسيير والتقنيات الحضرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بعض خصائص التشكيل الحضري للمناطق القديمة وانعكاسها على القيم الاجتماعية لقاطنيها

اذهب الى الأسفل

بعض خصائص التشكيل الحضري للمناطق القديمة وانعكاسها على القيم الاجتماعية لقاطنيها Empty بعض خصائص التشكيل الحضري للمناطق القديمة وانعكاسها على القيم الاجتماعية لقاطنيها

مُساهمة من طرف Admin الجمعة نوفمبر 11, 2011 11:24 am

بعض خصائص التشكيل الحضري للمناطق القديمة

وانعكاسها على القيم الاجتماعية لقاطنيها



Some Characteristics of the Urban Formation of Old Places and their Reflection on the Social Values of Residents



طارق فاروق أبو عوف

مدرس بقسم الهندسة المعمارية - كلية الهندسة – جامعة المنصورة



Tarek F. Abo-Ouf

Assistant Professor, Department of Architecture

Faculty of Engineering, Mansoura University







المستخلص العربي:

أن تحديد خصائص التشكيل في التصميم المعماري والعمرانيللمناطق السكنية القديمة بهدف تدعيم وإبراز معالم تلكالخصائص و ربطها بقيم مجتمعه، سيكون عاملاً محفزاًلعمليات التطوير والارتقاء التي تجري لتلك المناطق،وأن أي عملية تهدف إلى تحسين عمراني تتبنى فقط صيانةالمباني معمارياً وتدعيمها إنشائياً وتوفير المرافقوالخدمات التي تحتاجها, وتيسير عمليات الحركة والمرورالآلي, دون النظر للقيم التصميمية الأصيلة بها سيؤدي إلىفقدان مضمونها, ويجعلها في المستقبل القريب منطقة لا تتمتع بأي مقومات تحفز على صيانتها وإعادة تطويرها, خاصةإذا ما تدهورت حالتها بالتقادم التاريخي مرة أخرى بعدالتطوير.

وينهج البحث أسلوب التحليل الوصفي لبعض خصائص التشكيل فيالتصميم الحضري تبعاً للبناء البحثي التالي:

* مدخل نظري - عرض مفاهيم بعض التشكيل الحضري ودورها فيتعزيز القيم الاجتماعية.
* دراسة حالة – منطقة كوم الدكة بمدينة الإسكندرية.
* النتائج – عرض نتائج فحص خصائص التشكيل في منطقةالدراسة
* التوصيات - وضع بعض التوصيات التي من شأنها تساهم فيتعزيز خصائص التشكيل الحضري.





كلمات كاشفة: التشكيل الحضري – الهوية و الطابع – القيم الاجتماعية – الوحدة البنائية.





1- أولا : مفاهيم خصائص التشكيل الحضري للمناطق القديمة

تشكلت كتل وفراغات المناطق الحضرية القديمة بأسلوب تلقائي نابع من مجموعة عوامل ومحددات اجتماعية واقتصادية سادت في فترات تكوينها, فأصبحت عمارة وعمران تلك المناطق تحمل داخلها خصائص النظام الفكري للمجتمع, فتلاقى بها قيم لا قياسية مثل الفكر والخيال والجمال والإبداع الذي يدرك بصرياً, مع القيم القياسية التي تمثل تطور المبنى وتكوين الفراغ وتكوينها المادي الفيزيقي 1.

ويرى علماء الاجتماع في دراسات الاتجاه الاحتمالي غير الحتمي أن الوسط المادي- والذي يمثله في دراساتنا العمرانية: الكتل والفراغات - من الممكن أن يترك أثراً على سلوك مستخدميه – و هم السكان القاطنين4 .

وتعرف القيمة العمرانية بأنها مجموعة الدلالات الجمالية والعلمية والاجتماعية والبيئية التي يحتويها البناء الحضري وتشكل بدورها قيم صالحة للاستخدام في الحاضر وبعداً حضارياً للمستقبل وتشكل في مجملها إطاراً لنطاق يحمل خصائص مادية للمكان فتمثله في النسيج الحضري 9.

و سيقوم البحث بعرض بعض الخصائص لتشكيل البيئة الحضرية في المناطق القديمة و التي لها دورا في تشكيل قيم مجتمع تلك المناطق، و التي ربما تكون – أي تلك القيم – واحدة من عوامل إضفاء تلك الخصائص عند التكوين.



1-1 الوحدة البنائية

ساعدت وحدة المعالجات المستخدمة في مباني تلك المناطق على إضفاء مظهراً موحداً للكتل البنائية سواءاً في الارتفاعات أو مواد البناء وطبيعة الألوان والتجانس بين المفردات التصميمية ومعالجة الواجهات والفتحات 3. وعلى الرغم من اختلاف ملكية أراضي ومباني تقاسيم البلوكات البنائية, والتتابع الزمني لبناء تلك التقاسيم الا انه يتكون لدى المتردد علي تلك المناطق انطباعاً بصرياً بوحدة التكوين البنائي, وكأن تلك المباني تم بنائها في فترة زمنية واحدة أو أنه سبق تصميمها ليتوحد تشكيلها لتلك الدرجة.

وتبرز من تلك الخاصية شعوراً بأن "الكل يعمل في إطار مضمون واحد" مما له تأثيراً في طبيعة العلاقات داخل المجتمع, فتصبح الاستقلالية تعمل في إطار مشاركة الجميع في الحقوق والواجبات فيسهم ذلك المفهوم في تكوين المجتمع المترابط والمتماسك.



1-2 التدرج الفراغي

تساعد طبيعة العلاقات الفراغية في مسارات الحركة بالمناطق القديمة على تفعيل شعور بتجربة بصرية يتزايد بها الشعور بالتنوع والتشويق ناتج عن تلقائية تشكيل الكتل المحددة للفراغات, فينتج – غالبا – في تشكيل القصبة الرئيسية لنسيج المنطقة مراحل تصاعدية لتلك التجربة البصرية بوجود نقطة بداية فارتقاء وتصاعد وانتهاءاً بفراغ رئيسي يحيط به مجموعة من المحددات تتلاءم مع مقياس الفراغ في حجمها وصورتها ووظائفها 5.

وتساعد تلك التجربة اليومية لقاطني تلك المناطق في ترسيخ مفهوم التطلع والطموح والرغبة في الارتقاء والوصول للأهداف.



1-3 تناسب المقياس

يتوقف مقياس الفراغ على العلاقة بين أبعاده المادية وإمكانيات الإنسان البصرية فيتدرج المقياس من الحميم إلى الحضري والتذكاري, طبقاً للنسب بين محدداته الأفقية والرأسية, وطبقاً لطبيعة التشكيل الفراغي لنسيج المناطق القديمة, فإن معظم قطاعات فراغاته تحمل صفة المقياس الودود أو الحميم INTIMATE SCALEالتي تنعكس بطبيعة الحال على قوة العلاقة بين روادها وقاطنيها8. فيسهل له التعامل مع المكان وإدراكه لاحتياجاته به, وينمي لديه الشعور بالثقة والأمان نتيجة لشعوره بتناسب مقياس الفراغ مع إمكانياته وحجمه من جهة وأنشطته ووظائفه من جهة أخرى.



1-4 تناغم الإيقاع

يعرف الإيقاع بالتشكيل البنائي بأنه تكرار الوحدة لضبط عناصر الأشكال والفراغات وفقاً لنظام محدد نابع من وحدة نسب الفتحات بالكتل ونسب توزيع السد والمفتوح واختلاف صفة التناغم عند تجانس وانتظام وحدة الإيقاع 2.

ويعمق الإيقاع المنتظم الشعور بأهمية دور كل جزء في تشكيل المنظومة الكلية والاهتمام باختيار التفاصيل وموضعها في التشكيل وعلاقته النسبية, مما يخلق شعور اجتماعي بأهمية وقيمة الأداء الجماعي و مدي أهمية دور الفرد - مهما كان حجمه- في محصلة عمل المجموعة.



1-5 وضوح الهوية

إن هوية المنطقة عمرانياً هي تميزها بخصوصية تجعلها مميزة ومختلفة عن مناطق أخرى - وليس بالضرورة أفضل- فتعبر عن مكتسباتها وإنجازاتها وقيمها, ويصبح التشكيل البنائي والنسيج العمراني والتكوين الفراغي من وسائل التعبير عن تلك الهوية, فكلما كانت تحمل صفات أكثر خصوصية لهم كلما كانت أكثر وضوحاً في هويتها.

و تنعكس تلك الهوية بعناصرها المتمايزة علي الاجيال التالية تلقائيا بتنمية شعور الانتماء و الارتباط الحسي بالمكان.



1-6 خصوصية الطابع

إن التعبير بكلمة " الطابع " قد يعني ضمناً الإشارة لوجود متميز ذو قيمة, ولكنها في حقيقة الأمر ليس إلا تسجيل مركب يعكس الواقع الاجتماعي والثقافي للجماعة في مكان ما و زمان ما. ويختلف الطابع المعماري من مكان لآخر فيكتسب خصوصيته باختلاف المقياس والحجم والألوان ومواد الإنشاء وعناصر الزخرفة ، كذلك من التشكيل الفراغي و الانشطة التي تمارس به 9.

وبذلك يساعد طابع المكان على التأكيد بأهمية شخصية الفرد في المجتمع, فالحفاظ على الطابع يؤكد على الحفاظ على شخصية المكان والإنسان الذي يعيش به, فيكون له أثراً على سلوكه وقيمه وتمسكه بمعتقداته ومبادئه.



1-7 التعبير الوظيفي

ان لأنشطة التي تمارس في الإطار الحضري للمنطقة تلعب دوراً هاماً في إكسابها سمات مميزة وتساهم في الربط بين ملامح التشكيل المعماري والنسيج العمراني من جهة وبين النشاط الإنساني داخله من جهة اخري 7, فكلما كانت مبانيه متناسبة مع أنشطته و معبرة عنها ، كلما زاد الشعور بصدق المكان وواقعيته, وينعكس ذلك على قيم وسلوكيات السكان فيتلاءم الشكل مع المضمون, و يترسخ لديهم اهمية البعد عن الزيف المظهري غير المعبر عن المضمون الحقيقي للمشاعر والمبادئ والمفاهيم.



2- ثانيا : دراسة حالة – منطقة كوم الدكة – بمدينة الإسكندرية

حي كوم الدكة من أشهر أحياء الإسكندرية, فهو حي شعبي اشتهر بسكن العمال من طائفة البنائين والتجاريين, وهو يقع على تل مرتفع عن منسوب المحيط الخارجي بحوالي 8 إلى 12 متر في منطقة متوسطة بين المنطق السياحية الاثرية و المحاور التجارية لوسط المدينة, وهو تل صناعي تكون من ردم المباني التي تهدمت وتراكمت فوق بعضها, وقد اشتهر بهذا الإسم لانتشار أسطورة بين قدامى أهالي الإسكندرية بأن الإسكندر الأكبر قد أخفى الأريكة المصنوعة من الذهب والمطعمة بالماس والياقوت والجواهر النفيسة التي كان يجلس عليها عند قدومه إلى مصر, داخل غرفة تحت الأرض وأمر بردم المكان دون أن يضع ما يشير إليها وخرج في غزوه ومات بها ، وظلت الأريكة (التي كان يطلق عليها دكة بالعامية) مجهول مكانها بينما اشتهر المكان باسم (كوم الدكة).

وقد استمد المكان شهرته من كونه مسقط رأس الفنان الشعبي الموسيقار سيد درويش والذي ولد به في 17 مارس 1893, ولا يزال بيته المتواضع الذي لا تزيد مساحته عن 45م2 كائن به حتى الآن.



2-1 الملامح الرئيسية لعمران كوم الدكة

يتميز عمران منطقة كوم الدكة بنسيج غير منتظم ناتج عن تعرجات في ممرات الحركة والطرق الداخلية التي تتراوح عروضها في غالب الأمر بين متران إلى أربعة أمتار, مما يعطي شعوراً بتخطيط لنسيج عام متضام وينحصر بين ممرات النسيج بلوكات مقسمة لكتل المباني السكنية المفتتة الملكية ذات تقاسيم أراضي متناهية الصغر غير منتظمة الشكل ذات واجهات صغيرة وأعماق كبيرة, ويغلب على استعمالات تلك البلوكات الاستعمال السكني, فيما عدا بعض الأنشطة التجارية والحرفية والمخازن في الأدوار الأرضية في القصبة الرئيسية للمنطقة و التي تحمل اسم " حارة سيد درويش ".

ويحد المنطقة من الشمال مجموعة من المباني المعمارية ذات الطرز الكلاسيكية الايطالية و الفرنسية الواقعة على طريق الحرية " شارع فؤاد سابقا ". ويمثل المدخل الشمالي للحي,اما من الجنوب فيحدها منطقة خزان مياه الإسكندرية الرئيسي والمطل على طريق سليمان يسري, بينما يحدها من الجهة الغربية طريق صفية زغلول ويمثل المدخل الغربي للحي, أما الجهة الشرقية فيحدها مجموعة من الفيللات التي تستخدم كمقار سفارات أو بنوك.



2-2 الملامح المعمارية لحي كوم الدكة

تختلط بحي كوم الدكة ثلاثة أنماط تصميمية تمثل التطور التاريخي للبناء في الحي, أولها نمط المباني ذات الأسقف الخشبية وهو النمط الغالب بالحي المكون من دورين أو 3 أدوار سكنية تبرز بها الأدوار العليا بكابولي خشبي بفتحات شبابيك خشبية مستطيلة ، ويستخدم الدور الأرضي بها احيانا كمخزن أو متجر بسيط وبخاصة المباني المطلة على القصبة الرئيسية للحي . ثم نمط المباني الكلاسيكية المبنية بأسقف خرسانية وحوائط حجرية تصل إلى خمسة أدوار مرتفعة, توجد على أبوابها وفتحاتها زخارف وكرانيش وتطل منها بلكونات رخامية بدراوي حديدية أو برامق جبسية, و هي تحاكي نسبيا مباني طريق الحرية و لذا هي تتركز في المناطق القريبة منه . أما النمط الثالث نمط البناء بالطوب الأحمر وهو حديث نسبياً ويندر تواجده في مناطق متفرقة من الحي ، وهو غالبا ما يكون نتيجة إحلال لمباني تدهورت وتم إزالتها في السنوات القليلة الماضية.

ولكن السمة العامة لخط سماء مباني حي كوم الدكة هو التجانس في الارتفاعات للأنماط الثلاثة, فرضتها ظروف حالة التربة وعروض الطرق والمستوى الاقتصادي لملاك الأراضي في ذلك الحين .

وقد سجلت هيئة الآثار بعض المباني بها كمباني ذات قيمة أثرية منها على سبيل المثال مسجد

قشتمر ومسجد سيدي محرز وزاوية كوم الدكة ومنزل شيخ سيد درويش وبعض المباني السكنية ذات الملامح الكلاسيكية.



2- 3 التحليل الوصفي لخصائص التشكيل الحضري لمنطقة كوم الدكة

قام البحث بتحديد المسار الرئيسي لقصبة منطقة كوم الدكة " حارة سيد درويش " و الممتد من شارع صفية زغلول من الجهة الغربية ومروراً بالساحة الرئيسية للمنطقة والعودة في "حارة سيدي محرز" وصولاً إلى طريق الحرية ( شارع فؤاد) في الجهة الشمالية، و ذلك لإجراء التحليل الوصفي لخصائص التشكيل الحضري للمنطقة باعتبار ان تلك القصبة بها معظم ملامح تلك الخصائص و أكثر المنطقة حيوية و نشاط و تفاعل بين الفراغات و الكتل من جهة و بين المارة و القاطنين من جهة أخري، وقد استخلص البحث مجموعة الخصائص التالية:



2-3-1- الوحدة البنائية

ينقسم المسار إلى 3 مستويات للوحدة البنائية, المستوى الأول لا تتميز بوحدة بنائية قوية حيث يظهر بها الاختلاف في النمط البنائي وعدم التجانس بين المفردات المعمارية ويغلب عليها الفردية التصميمية, وقد يكون ذلك بسبب قربها من الطريق الرئيسي وتعدد الازالات للمباني أو أجزاء منها أجزاء من المباني وإعادة بنائها.

أما القسمين التاليين فيتميزا بوحدة بنائية عالية, الأولى تمثل النمط القديم للمباني الخشبية والثانية النمط الكلاسيكي تترابط بها النسيج العام مع الكتل المبنية. ( شكل 2)



2-3-2- التدرج الفراغي

تتميز المنطقة بتدرج فراغي للمسارات والساحات, فمسار حارة سيد درويش يعتبر القصبة الرئيسة التي يقع عليه مجموعة من الساحات الصغيرة التي يتفرع منها حارات وأزقة تصب به كعصب رئيسي, وتظل التجربة البصرية في تصاعد بصري حتى يصل إلى أعلى نقطة به في الساحة الرئيسية التي تمثل مركز ثقل المنطقة وأكثرها نشاطاً وحيوية لتبدأ الحركة منه مرة أخرى نزولا في الاتجاه جهة الشمال أو الغرب إلى المحاور الرئيسة لحركة السيارات بطريقي الحرية و الاستاد الرياضي. و تتدرج الفراغات بين حيز ضيق و يتعرج لينفتح علي ساحة صغيرة غير منتظمة الشكل و تتكرر التجربة تصاعدا الي ان تصل الي فراغ رئيسي كبير نسبيا تتفرع منه توجهات الحركة للشمال و الشرق كما تتركز به العديد من الانشطة المتداخلة تجارية و صناعية و ترفيهية ، ثم تأخد التجربة الفراغية البصرية في الانتهاء بمسار منتظم و اعرض نسبيا الي ان يصل لنقطة النهاية في منطقة الدرج المؤدي الي طريق الحرية. ( شكل 3 )



2-3-3- تناسب المقياس

يتناسب مقياس الفراغ وحجمه مع المقياس الإنساني ونشاطاته في أغلب قطاعات المحور الرئيس, فتصبح النسبة بين عرض الطريق وارتفاع المباني 2:1 أو 3:1 ، و يزيد الشعور بحميمية الفراغ في الحارات و الازقة الفرعية و التي يصل عروض الطرق بها إلى 2.5 متر وارتفاع مبانيها ما يزيد عن 12 مترا الامر الذي قد يكون مبالغا به لدرجة ضياع الخصوصية للوحدات السكنية ، مع صعوبة ممارسة أي انشطة داخل تلك الفراغات.



2-3-4- تناغم الايقاع

يضطرب الإيقاع عند أطراف المنطقة الغربية حيث المبالغة في عناصر ومفردات التصميم في كل مبنى, بينما يتجانس ويتناغم بقلب المنطقة حيث بساطة المفردات وتشابهها وتقارب خامات التنفيذ, مع وجود اختلافات بسيطة في المسافات الأفقية بين السد والمفتوح وكتل تشكيل وبروزات المبنى ، كما يتجانس في الاطراف الشمالية نسبيا و ان كان تجانسا ينقصه الوحدة البنائية حيث يظهر تفرد كل مبني علي حدي.



2-3-5- وضوح الهوية

تتميز منطقة كوم الدكة بخصوصيات متعددة أهمها اختلاف النسيج العمراني الواضح بسبب عدم انتظامه عن جواره المنتظم بالمدينة, وكذلك ارتفاع منسوبها لدرجة الحاجة إلى وجود درج كبير لدخول المنطقة خاصة من الجهة الشمالية و الغربية, كما أن تكويناتها الفراغية للمسارات والساحات يكسبها شخصية متفردة في موقعها, اما أنماط المباني بها فتزيد من هويتها في قلب المنطقة ببساطة تشكيلها وتجانس ارتفاعاتها ونظامها الإنشائي, على الرغم من أن بعض مبانيها الكلاسيكية اقتربت في هويتها من عمارات طريق الحرية ، إلا أنها لا تزال تتميز عنها بالمقياس وقلة التفاصيل والزخارف.



2-3-6- التعبير الوظيفي

إن حي كوم الدكة منطقة سكنية في المقام الأول يقطنها سكان بسطاء ومحدودي الدخل في غالب الأمر, وهو ما يظهر على تشكيل مبانيها ، كما لم تتوفر في أدواره الأرضية أي أنشطة تجارية ، إلاّ أن القصبة الرئيسية " حارة سيد درويش " بعض الحرف التي اشتهرت بها المنطقة مثل الفارماتوني ( عامل الزخارف الجبسية ) أو الاويمجي ( عامل نقاشة الخشب )

2-3-7- خصوصية الطابع

يبرز من النسيج العمراني والتشكيل البنائي لمنطقة كوم الدكة طابعا عمرانيا و معماريا خاصا يعكس بيئة و ثقافة اهل المنطقة البسطاء في مستوياتهم الاقتصادية ، وإنما يعبر عن عمق اجتماعي وانتماء وترابط جماعي واضح, و ان كان هناك تشابه كبير بين طابع تلك المنطقة مع مناطق أخرى بالمدينة مثل كوم الشقافة و كوم الناضورة والسيالة, نظراً لأنها تحمل نفس الظروف الاجتماعية والاقتصادية والروح الجماعية والانتماء والعلاقات الإنسانية.(شكل 4)



3- ثالثا : نتائج الاستبيان للظواهر المرتبطة بالتشكيل الحضري

تم اختيار عينة عشوائية من مجتمع كوم الدكة تتباين بين كبار السن من السكان وأصحاب المحلات القديمة وبعض الشباب ورصد إجاباتهم في نموذج استبيان لمجموعة من التساؤلات المرتبطة بالمردود الاجتماعي في معايشتهم لمنطقة لها خصوصية داخل نسيج مدينة الإسكندرية، وذلك بهدف الربط بين خصائص التشكيل البصري للمنطقة وانعكاسها على القيم الاجتماعية لدى مجتمعه. و قد تم تحليل نتائج الاستبيان و تلخيصه في النتائج التالية:

أولاً: يشعر 82% من العينة بخصوصية المنطقة وارتباطهم بها ولديهم روح الانتماء والجماعة ومزيد من الترابط والالتزام الاجتماعي، بينما يفتقد 8% من العينة تلك المعاني والتي يرى أنها كانت موجودة في الأجيال السابقة. ويرى 10% من العينة أنه لا علاقة بين المنطقة والروح الاجتماعية الموجودة لدى السكان, وإنما هي تنبع من أخلاقيات دينية وقيم وعادات وتقاليد قد تكون موجودة في كثير من الشعب المصري مع اختلاف المنطقة التي نشأ وتربى بها.

ثانياً: يرى 70% من العينة أن طبيعة المكان تعطي شعور بالأمان والثقة نتيجة للتقارب المكاني وإحساس الشخص بذاته داخل المكان. بينما يرى 22% أن المكان يفتقد لذلك الشعور لنقص الخدمات والمرافق, وخاصة في الأوقات المتأخرة من الليل. وقد أعطى 8% من العينة إجابة سلبية بعدم فهم العلاقة بين المكان ومشاعر الثقة و الأمان.

ثالثاً: يرى 90% من العينة عشوائية في النمط التصميمي وفقر نسبي في الشكل المعماري, مقارنة بمناطق الجوار, وإن كان يشعر بخصوصيته وتميز المكان في المحيط العمراني بغض النظر عن مستوى المفاضلة، بينما 10% من العينة يرى أن التقارب الشديد بين مستويات المباني يخلق نوع من التجانس الاجتماعي ويضيق الفجوة بين الطبقات الموجودة داخل نفس النسيج ويقربهم بعضهم من بعض.

رابعاً: يشعر 30% بتدرج فراغات القصبة الرئيسية والحارات المتفرعة منها ، بينما يشعر 60% منهم بتشابه فراغي يحكمه ضيق المكان وقلة مناطق الخضرة والترفيه, بينما يشعر 10% من العينة بعشوائية شديدة في النظام الفراغي داخل المنطقة يصيبهم بالإكتئاب و النفور من المكان.



4- رابعا : النتائج

استهدفت دراسة حالة حي كوم الدكة محاولة لتأكيد الفرض النظري, بأن خصائص التشكيل الحضري لعمارة وعمران المنطقة السكنية وخاصة القديمة منها والتي تحمل قيم تشكيلية ظاهرة أو كامنة, لها دوراً مؤثراً على قيم وسلوكيات المجتمع القاطن به, كما استهدفت إبراز تلك الخصائص التي تم عرضها في الجانب النظري من البحث وتحديد معالمها في منطقة ذات خصوصية في نسيجها وعمارتها داخل نسيج أشمل لمدينة مثل الإسكندرية, مما يساعد علي تأكيد و تعميق تلك المفاهيم و المعاني. وقد خلصت نتائج الدراسة الميدانية والاستبيان إلى التالي:

1-أن تميز خصائص تشكيل المنطقة السكنية يكسب قاطنيه قيماً اجتماعيةً قد لا تتوافر لدى المناطق الأقل خصوصية في الطابع والهوية والمقياس.

2-أن فقدان المنطقة لوضوح تلك الخصائص لدى سكانها, يفقدهم روح الانتماء, ويشكل لديهم شعوراً بانخفاض قيمة المكان وبالتالي الحاجة إلى تغييره من وجهة نظرهم أو الانتقال لمنطقة أخرى.

3-أن الاضطراب في التشكيل المعماري, وضياع خاصية التجانس في الصورة العامة وتداخل الوظائف غير الملائمة للفراغات, أفقد السكان الإحساس بالتسلسل الفراغي وتصاعد التجربة البصرية الذي لا يظهر لهم رغم حقيقة وجوده نظرياً وخرائطياً.

4-أن خصائص التشكيل الحضري في حاجة إلى مساندة بجوانب بيئية واقتصادية لتبرز وتتأكد وتساعد على إتمام دورها في رفع القيم الاجتماعية, مثل عناصر التنسيق والصيانة والنظافة, وتحديد نوعية الأنشطة الملائمة وتميزها.

5-أن حاجة تلك المناطق إلى عناصر جاذبة تكسبها مزيد من الهوية و تحقق لسكانها عائدا اقتصاديا ، و يضعها في بؤرة اهتمام بلدية المدينة ، كما يعيد لسكانها الشعور بالانتماء.



5- خامسا: التوصيات

5-1- أولاً: توصيات عامة:

5-1-1- الاهتمام بقواعد ومبادئ تشكيل النسيج العمراني والمعماري للمناطق القديمة بالمدينة عند إتباع السياسات التطويرية والتنموية, حتى لا تفقد المنطقة استمراريتها وتواصل هيكلها السكاني بخصائصه الاجتماعية والاقتصادية.

5-1-2- مشاركة السكان في تضافر جهودهم لمواجهة التحديات القائمة من خلال مؤسسات شعبية غير حكومية تحظى بدعم رسمي وجماهيري.

5-1-3- إعداد دراسات متكاملة لقيم التشكيل المعماري والعمراني بالمناطق القديمة وتوثيقها وربطها بالقيم والمبادئ الاجتماعية المترسخة لدى مجتمع تلك المناطق, قبل البدء في عمليات التطوير بهدف الحفاظ عليها وتأصيلها.

5-2- 5-2 ثانياً: توصيات خاصة بمنطقة كوم الدكة

5-2-1- النسيج:

ربط النسيج الحضري للمنطقة بالمسار السياحي في المحيط العمراني لقلب مدينة الإسكندرية, يبدأ من منطقة المسرح الروماني من الجهة الغربية ومروراً بحارة سيد درويش وحارة سيدي محرز ومروراً بمنطقة المتحف الروماني شمالاً.

5-2-2- المسارات

تحويل مسار حارة سيد درويش كمزار يعتمد على أنشطة ترتبط بالفنون والموسيقى مما يسهم في إكساب المنطقة هوية ثقافية وطابع فني ويضيف بعداً اقتصادياً على سكان الحي . مع خلق نقاط جذب سياحي داخله بعد ربطه بمسارات المحيط العمراني التجارية ( شارع صفية زغلول ) ، و السياحية ( المسرح الروماني و المتحف اليوناني الروماني) ، و الثقافية ( مسرح سيد درويش)، و الترفيهية ( السينمات و المطاعم). ( شكل 5)

5-2-3- الساحات

تطوير الساحات بالقصبة الرئيسية بإكساب واجهاتها ملامح الطابع المعماري السائد بالمنطقة للمباني البسيطة في التشكيل, وإضافة عناصر تنسيق لرموز الفن الشعبي داخل فراغاتها , وجداريات تحكي قصة الفن الشعبي. مع عمل تصميمات خاصة لاعمدة الانارة الحائطية و اللافتات الارشادية الملائمة لطابع تلك الساحات ، و تطوير ارضياتها و عناصر التنسيق بها و إضافة عنصر الخضرة الملائم مع المقياس و الوظيفة الفراغية .(شكل 6)

شكل 6 : مقترح لتطوير الساحة الرئيسية كنموذج لتدعيم خصائص التشكيل في ساحات القصبة الرئيسية . المصدر الباحث



5-2-4 الأنشطة

خلق مجموعة من الأنشطة الثقافية للمباني المهملة بالمنطقة بعد تطويرها معمارياً لتعبر وظيفياً عن طبيعة المنطقة فتحول المقاهي إلى منتديات ثقافية للفن الشعبي, ويحول المبنى الرئيس على ساحة حارة سيد درويش إلى معهد للموسيقى الشرقية و التراث الشعبي ومكتبة للموسيقى, مع تحويل مبنى سيد درويش إلى متحف يضم مقتنياته وملامح الفن الموسيقي في تلك الفترة. مع التأكيد علي الحرف الفنية و التقليدية في اعمال الجبس و الخشب ، و تشجيع اقامة محلات بيع تحف فنية و ورش اصلاح آلات موسيقية . مع نقل الأنشطة الغير ملائمة لطابع المكان و طبيعة مقياسه كورش اصلاح السيارات و شوايات الاسماك الملوثة للبيئة.

5-2-4- الواجهات

وضع قواعد تنظيمية لعمليات الترميم والتطوير, واشتراطات لتصميم الواجهات للمباني الجديدة بالمنطقة نابعة عن قواعد التشكيل المعماري للمباني القائمة تساعد على التجانس والتناغم والتعبير الوظيفي وتؤكد على الهوية والطابع المحلي للحي..



المراجع :

1-Moughtin,C (1999) , Urban Design – Streets & Squares , Butterworth Ltd,UK.

2- Ching,Francis (1995) Architecture, Form & Space , John Welly , NY.

3- Rapoprt,Amos (1969) House , Form & culture , Prentice- Hallinc,London.

4- Kellner , Douglas(1992),Popular Culture & the Construction of Post Modernism Identities , Blackwell publishing, Oxford.

5- Cooper,F., (1998) People Places – Design Guidelines for Urban open Space , University of California , Bekeley , NY .

6- Rapoport, A. (1986) “Culture and Built Form – A Reconsideration”, In D. G. Saile (Ed) “ Architecture in Cultural Change”, Essays in Build Form and Culture, Lawrence, University of Kansas,.

7- النعيم ، مشاري (1998) الهوية في وسط متحول : تجربة التغيير في البيئة السكنية السعودية ، ندوة الابداع و التميز في النهضة العمرانية في المملكة خلال مائة عام ، الرياض .

8-سرحان و علاء (1993) مظاهر الادراك الحسي بالفراغات الحضرية ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، جامعة الاسكندرية.

9- بلدية دبي ، (2004) وثيقة دبي للحفاظ و الصيانة علي المباني و المناطق التاريخية، دبي ، الامارات.
Admin
Admin
المدير
المدير

عدد المساهمات : 972
نقاط : 2426
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

https://chemamin.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى