التسيير والتقنيات الحضرية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التسيير والتقنيات الحضرية
التسيير والتقنيات الحضرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدينة القدس العربية والإسلامية

اذهب الى الأسفل

مدينة القدس العربية والإسلامية Empty مدينة القدس العربية والإسلامية

مُساهمة من طرف Admin السبت ديسمبر 31, 2011 5:36 pm

إن أهم ما يميز
مدينة القدس ويؤكد طابعها الإسلامي المقدس هو الحرم الشريف الذي تقوم فيه روائع
العمارة الإسلامية وبخاصة قبة الصخرة، والحرم هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، فهي
صرح لحماية الصخرة المقدسة وعليها همّ إبراهيم الخليل بالتضحية بابنه، كما أن
الرسول عرج منها إلى السماء، والحرم الشريف وهذه الصخرة كان قبلة المسلمين في
صلاتهم الأولى، ثم نزلت الآية الكريمة {ومن حيث خرجت فوّل وجهك شطر المسجد الحرام}
(البقرة:150) فتحول المصلون إلى الكعبة حيث الحجر الأسود أيضاً .
ولا بد من
الوقوف طويلاً أمام قبة الصخرة، هذه الآية الرائعة التي قال عنها المؤرخ بوركهارت
((إن إشادة بناء بهذا المستوى من الكمال والإتقان الفني، يعتبر عملاً خارقاً في
دولة الإسلام التي لم يكن قد مضى على ظهورها قرن واحد)) .
ولقد توسعت كتب
تاريخ العمارة الإسلامية بوصف تفاصيل هذه القبة، وأهم ما يثير الاهتمام هو المخطط
الثماني الذي قامت عليه، والسؤال ما هو مصدر استلهام هذا المخطط، ولماذا قام بشكل
متفرد على مخطط ثماني مخالفاً لشروط المسجد التي وضعها الرسول عند بنائه المسجد
الأول في المدينة المنورة .
تتجه أبحاث
المؤرخين إلى مقارنة بناء قبة الصخرة المثمن بأبنية مماثلة كانت قائمة قبل هذه
القبة. ولقد اهتم كريزويل بمقارنة هذا المخطط القائم على قبة قطرها 20,40م مع مخطط
كنيسة القيامة في القدس التي تقوم فوقها قبة قطرها 20,44 م .
ويتوسع إيكوشار
في تحديد العلاقة بين قبة الصخرة وقبة كنيسة القديسة هيلانة في رافينا – إيطاليا،
كما يقارنها مع كاتدرائية بصرى 512م، وكنيسة القديس سمعان العمودي – سوريا .
وليس من شك أن
استمرارية العمارة الثمانية، ولكن ما يهمنا هو معرفة السبب الذي دعا المعماريين، رجاء
بن حياة الكندي ويزيد بن سلام، إلى اختيار هذا الشكل الثماني لبناء آبدة تكريمية
تحتضن الصخرة المقدسة أو هي بناء تعبدي، مسجد أو قبلة للصلاة .
لقد وصلت قبة
الصخرة إلى أقصى حدود الكمال المعماري كما يشهد بذلك ماكس فإن برشيم الذي درس
القبة دارسة متعمقة، وكما تشهد ابنته مارغريت على روعة الزخارف الفسيفسائية في هذا
القمة .
ولكن أهمية هذه
القبة وقد أصبحت رمزاً إسلامياً بعد الكعبة تبدو في احتوائها على معان قدسية رسخت
أسس الفكر المعماري الإسلامي، وكانت أصلاً يقتدى في العمارة اللاحقة .
تتألف قبة
الصخرة من بناء ثمانية أضلاع تعلوه قبة خشبية مصفحة قطرها 20,40م، ذات رقبة عالية .
تنفتح فيها 16 نافذة ويعلو القبة جامور نحاسي ارتفاعه 4,10م، وارتفاع القبة عن
الأرض 35,30م .
ترتكز القبة على
ستة عشر حاملاً هي اثنا عشر عموداً وأربع عضادات متناوبة.
وتشكل هذه الحوامل
الممشوقة دائرة هي مرتسم القبة، ويحيط بهذه الدائرة مثمن طول ضلعه 20,60 م، وهو
مؤلف من جدران ارتفاعها 9,5 تعلوها تصوينة، وبين المثمن والدائرة يقوم مثمن من
الحوامل مؤلفة من أقواس تحملها 8 دعائم تربطها ببعضها أقواس محمولة على ستة عشر
عموداً. وتنفتح في أربعة من الجدران الخارجية أربعة أبواب تقابل الجهات الأربع
وإذا امتدت هذه الجدران الأربعة فإنها تشكل مربعاً طول ضلعه 510 م تقريباً يتقابل
مع مربع آخر من الجهات الأربع الأخرى .
وهكذا، فإن
القبة تقسم إلى 16 مجازاً من الأعمدة الحاملة، يحيطه مثمن من الأعمدة والأقواس
الداخلية، يقابلها مثمن الجدران الخارجية المؤلفة من مربعين، مربع بشكله امتداد
الواجهات ذات الأبواب ومربع يشكل امتداد الواجهات ذات النوافذ .
وإذا أعدنا رسم
مخطط قبة الصخرة، كما أثبته العالم ماوس، فإننا نرسم دائرة كبيرة قطرها 43م
تقريباً ومركزها (م) وضمنها نرسم مربعين متقابلين يشكلان نجمة ثمانية ونقاط
التقائهما هي مراكز دعائم الرواق الأوسط المؤلف من ثمانية أقواس محمولة على أعمدة،
تشكل مسقطاً ثمانياً، وبالتقاء مراكز الدعائم، مع مقابلها نحصل على مربع رؤوس
زواياه الأربع هي مراكز عضادات القبة الأربع، وبين كل عضادتين ثلاثة أعمدة مؤلفة
مسقطاً ست عشرياً يحتضن دائرة هي مرتسم القبة .
إن الشكل المربع
هو جزء من الدائرة بل هو قادر إذا ما تحرك دائرياً حول محوره أن يشكل الدائرة،
ويتجلى هذا التحرك في مضاعفة المربعات، المربعان المتقابلان يشكلان نجمة ثمانية،
والمربعات الأربعة المتقابلة تشكل نجمة ست عشرية، وهكذا نصل عن طريق تقابل عدد
كثيف من المربعات إلى الدائرة .
ولقد اهتم
بابادوبولو بهذه الظاهرة واعتمدها لتفسير المنظور اللولبي في رسم المنمنمات، وفي
العمارة الإسلامية والزخرفية تأكيد على إبراز هذا الانتقال من المربع إلى الدائرة
أو من المكعب إلى الكرة .
ففي المساجد
يتحول الشكل الرباعي في مركز الحرم إلى شكل دائري يحمل القبة، عبر عنق مثمن، وفي
المآذن، ولنأخذ مئذنة الغوانمة في القدس مثالاً، نراها تتألف من صومعة رباعية
متوجة بشرفة مربعة أيضاً، تعلوها منارة مثمنة تغطي وجوهها الثمانية محاريب، وتعلو
هذه المنارة قبة ذات عنق أسطواني مرتفع، والأمر نفسه مع مئذنة الفخرية .
ويتجلى هذا
التحول أيضاً في المحاريب والإيوانات التي يعلوها نصف قبة تتشكل من نصف الشكل
الثماني أو نصف الشكل السداسي كما أثبت ذلك إيكوشار .
وقد يبدو هذا
التحول إنشائياً لا بد منه، ولكنه في الفكر المعماري الإسلامي له دلالة دينية. إن
الانتقال من المربع إلى مضاعفاته وصولاً إلى الكرة المتمثلة بالقبة أو أنصاف
القبة، أو الدائرة، يرمز إلى انتقال كوني توحيدي. فالمربع يمثل الأرض بجهاتها
الأربع،
والمثمن يمثل الكون أي الأرض وقد التحمت بعناصر الطبيعة الأربعة الماء
والنار والتراب والهواء، والدائرة أو الكرة تمثل القوة الإلهية، ولذلك فإن القبة
أصبحت رمزاً مادياً إسلامياً نراه ماثلاً في جميع المباني الإسلامي .
صحيح أن القبة
تقليد معماري قديم وهي طريقة إنشائية ناجحة لتغطية المباني، بيد أنها في العمارة
الإسلامية، أصبحت رمزاً لملكوت الواحد الأحد. إليها يتجه الابتهال والدعاء، ومنها
تشع الرعاية والحماية .
ومع أنها لا
تقوم في العمارة الإسلامية بوظيفة إنشائية لازمة دائماً، فإنها تبدو كموئل
للابتهال ماثلة فوق المساجد وفي نهايات المآذن، بشكل مغزلي أو مقبب، أو تبدو نصف
قبة من طاسات المحاريب والإيوانات، أو تبدو في القباب التكريمية والأضرحة كمظلة
حماية ترمز إلى العناية الإلهية .
وفي بيوت الصلاة
أو في المآذن يتم الانتقال تصاعدياً تعبيراً عن الابتهال، ولكن في الأضرحة وقباب
التكريم فإن الانتقال يتم من القبة إلى القاعدة تعبيراً عن الرعاية والحماية
والتكريم، كما هي قبة الصخرة .
وهذا يعني أن
هدف بناء قبة الصخرة لم يكن لمضاهاة كنيسة القيامة كما يقول المقدسي (ص19)، ولم
يكن لمجرد تقليدها كما يدعي كريزويل، بل كان هدفاً رمزياً لتحديد علاقة رعاية
وحماية .

وابتدأت التجربة
لتحقيق هذا الهدف بتصميم قبة السلسلة لتكون نموذجاً أولياً لقبة الصخرة، وأرادها
المعماريان المصممان أن تعبر في مقاسها وتشكيلاتها عن رموز وحدانية، وهنا نتذكر
أسباب تسمية القبة النموذج بالسلسلة، هذه التسمية التي أطلقها العامة على القبة
تعبيراً عن علاقتها بالسدة السماوية، فالمعتقد الشائع أن ثمة سلسلة معلقة في
السماء يرقى عليها إلى السدة العليا، المؤمن الصالح دون غيره.
هكذا يحمل شكل القبة
معنى دينياً محدداً.
ثم تأكدت هذه التشكيلات والمقاييس والنسب في قبة الصخرة لتعبر
عن هوية البناء باعتباره مظلة للصخرة المقدسة وآبدة رمزية للإيمان والارتباط
بالخالق وطلباً لرحمته وعنايته، إذ أن القبة التي تعبر عن الكون والسدة السماوية
تغطي حادبة حامية موضع التكريم والتمجيد، وينتقل هذا الرمز الدائري إلى شكل مثمن
ومنه إلى شكل مربع .
وقد تقف ضمن
حدود التشكيل المثمن كما هو الأمر في قبة الصخرة، ولكن يبقى التحول من الأعلى إلى
الأسفل موافقاً لاتجاه العناية الإلهية من السماء إلى الأرض، وبصورة عامة فإن
القبة تستقطب الإيمان والدعاء، وتشع الرعاية والحماية .
وقد نرمز إلى
القبة بطاسة المحراب أو مرمز إليها بالعقد (مرتسم مقطع القبة) والقبوات والأقواس،
وتبقى في جميع الأشكال رمزاً لتلك العلاقة التي تربط الإنسان على الأرض بخالق
الكون في ملكوته .
إن هذا الرمز
المعماري الذي نراه في جميع الأبنية الإسلامية على امتداد الأرض التي آمن فيها
الناس بالدين الإسلامي، نراه واضحاً في المنشآت الإسلامية في مدينة القدس على
اختلاف وظائفها، سواء أكانت سبيلاً أو كانت مدفناً أو كانت قبة مسجد أو قبة
تكريمية أو قوساً أو عقداً، مما يضفي الطابع الإسلامي على مدينة القدس كلها ويؤكد
أصالة العمارة فيها.
وتبقى قبة
الصخرة منطلق الأصالة المعمارية الإسلامية،
فالنجمة الثمانية التي تعبر عن مفهوم
الكون وخالق الكون في الفكر الإسلامي، والتي تتألف من مربعين متقابلين بمركز واحد.
مربع يمثل الجهات الأربع كما هو مربع الكعبة المشرفة ومربع آخر يمثل عناصر الطبيعة
الأربعة – الماء والهواء والنار والتراب، هذه النجمة هي شكل مخطط بناء قبة الصخرة
التي كادت أن تصبح قبلة للمسلمين في عهد عبد الملك بن مروان، كما كان الحرم الشريف
قبل بناء القبة، القبلة الأولى للمسلمين .
المصدر : شبكة الأوائل
Admin
Admin
المدير
المدير

عدد المساهمات : 972
نقاط : 2426
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

https://chemamin.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى