التسيير والتقنيات الحضرية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التسيير والتقنيات الحضرية
التسيير والتقنيات الحضرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تاريخ البترول في الجزائر

اذهب الى الأسفل

تاريخ البترول في الجزائر  Empty تاريخ البترول في الجزائر

مُساهمة من طرف Admin الخميس نوفمبر 10, 2011 5:18 pm

تمر خمس وثلاثون سنة على قرار التأميم التاريخي الذي أعلنته الدولة الجزائرية لاسترجاع السيطرة على المحروقات الجزائرية.ثلاثون سنة مضت،والأيادي الخفية التي أدارت معركة البترول ما تزال لم تحظ بالأهمية، والعناية اللازمة.
الكتابات التاريخية، والتسجيلات الاقتصادية أعطت للرئيس بومدين الفضل في إدارة هذا الصراع، رغم أن بومدين نفسه لم يكن سوى حلقة من حلقات مسلسل التأميم.
وبومدين كما يقول المثل العربي لم يكن سوى الشجرة التي غطت الغابة. إن معركة البترول، بدأت من أول يوم دخلت فيه اتفاقية إيفيان الموقعة بين الحكومة الفرنسية، والحكومة الجزائرية حيز التنفيذ، فقد باشر الطرفان اتخاذ الإجراءات العملية لضمان الإمتيازات، وتفادي النكسات وقد أشارت اتفاقية إفيان بصورة واضحة إلى مختلف آليات تسيير وإدارة البترول ومختلف أنواع المحروقات، حيث يحق للحكومة الجزائرية أن تستغل كل الحقول البترولية المكتشفة خلال إشرافها على تسيير دواليب الدولة، وتتولى الحكومة الفرنسية (الأحرى مختلف الشركات الفرنسية) تسيير كل الحقول البترولية المكتشفة في عهدها ويحق للجزائر أن تمنح الرخصة اللازمة للاستغلال لمختلف الشركات الأجنبية.
وتعطي اتفاقية إيفيان بوضوح حق الأفضلية للشركات الفرنسية، وقد أرقت اتفاقية إيفيان حكومة الرئيس أحمد بن بلة أيما أرق ذلك لأن بن بلة وحكومته وجد نفسه ليس أكثر من وسيط للمصالح الفرنسية العاملة في الجزائر، كل أعمال إدارة المحروقات كان يبرمج ويخطط لها من وراء البحر، والأموال، والرساميل تهرب وبالعملة الصعبة إلى البنوك الفرنسية، وبنوك الدول الأنجلوسكسونية.

بن بلة يدعو إلى مراجعة
نصوص اتفاقية إيفيان
إزاء القلق العميق الذي انتاب الرئيس أحمد بن بلة دعا هذا الأخير إلى إعادة النظر في ملف البترول، وعلى الأخص نصوص اتفاقية إفيان المكبلة للإقتصاد الجزائري، وبالفعل أدرك الفرنسيون نزعة القلق لدى حكومة بن بلة الذي كان يفتقر إلى رجال أكفاء وإمكانيات، وقدرات للمناورة في حقل السياسة الدولية التي أضحت تشكل آنذاك بعبعا وغولا يخيف كل الدول والأمم. حيث أصبحت الشركات أكبر من الدول ذاتها.
فرنسا وبطريقة ذكية، وخوفا من لجوء بن بلة إلى تغييرات راديكالية سارعت إلى قبول بعض خطوات الرئيس المحتشمة، ووافقت على تنظيم وتأطير لجنة المنظمة الصحراوية التي سرعان ما أعيد تكييفها رغم تحفظات"كلود شيسون" الذي ترأس الجانب الفرنسي لتصبح الجمعية التعاونية، وأعطت فرنسا بعض الإمتيازات للجزائريين كالسماح لشركة سونطراك التي ظهرت في 31 ديسمبر1963 بمتابعة بعض الأنشطة البترولية، ويسجل هذا بعض الذكاء والتفوق للرئيس بن بلة في إقناع السوفيات في إنشاء بعض الهيئات البترولية كالمعهد الوطني للمحروقات، والمعهد الجزائري للبترول، وهي المعاهد التي سعى الرئيس بن بلة إلى إقناع إحدى الدول لإعطاء الخبرة اللازمة، والتفعيل اللازم لهذه المعاهد لتخريج الإطارات التي ستكون قادرة على السيطرة على ما يتاح لشركة سونطراك إدارته من المشاريع البترولية.
ولعل هذا ما سمح سريعا لهذه الشركة البسيطة أن تنشأ الأنبوب البترولي الثالث الذي بدأ في ضخ البترول من منطقة حوض الحمراء باتجاه أرزيو، أسوة بالفرنسيين الذين أنشأوا الأنبوبين الأولين الرابطين بين حوض الحمراء وبجاية، وإنجلي، بميناء الصخيرة التونسي ومرة أخرى نجح بن بلة في مساعيه لإقناع دولة الكويت لتمويل الأنبوب الجزائري الثالث الذي امتد على مساحة 800كلم.
من أحمد بن بلة إلى بوتفليقة
مع الخطوات التصحيحية الأولى التي أقرها الرئيس الجديد هواري بومدين في19 جوان 1965، انتقل ملف البترول مباشرة إلى رجلين اثنين، بوتفليقة كوزير للخارجية، ومكلف بمتابعة مختلف الترتيبات الإجرائية الخاصة بملف البترول، وعبد السلام بلعيد كوزير جديد للطاقة، بعد أن كان على رأس شركة سونطراك الفتية أدرك عبد العزيز بوتفليقة بتوجيه من بومدين أن اتفاقية 1964 الموقعة بين بن بلة، والفرنسيين كخطوة لتصحيح، الأوضاع زادت تدهورا، أمام رغبة الشركات الفرنسية إلغاء معادلة سونطراك نهائيا، والسيطرة كليا على زمام البترول الجزائري. والتحالف مع مختلف الشركات العالمية المتعددة الجنسية للإثراء على حساب الاقتصاد الجزائري.
وتبين للفريق البومدييني الجديد، وعلى الأخص أن "أرتولي" الذي كان يدير دفة الصراع من جهة الحكومة الفرنسية أصبح أكثر تكالبا على كل خطوة جزائرية لتحسين الأوضاع وعجزت الحكومة البومديينية أو لنقل بالتعبير المستعمل آنذاك حكومة الثورة على السيطرة حتى على12 إلى 15% من البترول الجزائري، حيث تسيطر شركات دولية مختلفة قدمت من أوروبا وأمريكا على ربع الإنتاج الجزائري كشركات شال، وقيتي أويل، فيليبس، والبازو وطوطال، وبريتش بتروليوم إلى جانب أكثر من عشر شركات فرنسية أخرى تعمل على استغلال حقول البترول في حوض الحمراء، وحاسي مسعود وحقول الغاز في حاسي الرمل.
وإزاء كل السياسات الفرنسية المتغطرسة، أخذ عبد العزيز بوتفليقة رجل الظل آنذاك على نفسه مسؤولية إدارة هذا الصراع على المستوى الدولي، وساعدته كفاءة بلعيد عبد السلام الذي صرح مرارا آنذاك عن عدم رضاه على السياسة البترولية كما تدبرها الحكومة الفرنسية، وكما تباشرها عمليات الشركات الفرنسية العاملة في الحقول الجزائرية، حيث بات واضحا أن هذه الشركات تعمل على خدمة مصالحها فقط، من جهة تمول السوق الفرنسية ب28% من البترول الجزائري، ومن جهة تعرقل مشاريع سونطراك، وأنشطتها في الإنتاج، التسويق، الاستكشاف…بل وفي بعض الأحيان تعمل على التغاضي على السوق الجزائرية، وتبحث عن اكتشافات عالمية أخرى.
الحرب العالمية الإسرائيلية
وقرار مقاطعات الشركات العالمية
واستغل بوتفليقة كمدير لدفة السياسة الخارجية الحرب العالمية الإسرائيلية التي اندلعت في سبع وستين لتطلب الحكومة الجزائرية من خلاله من الشركات البترولية العاملة في الجزائر مقاطعة السوق الدولية تضامنا مع مصر، الأردن وسوريا الذين تعرضوا للنكسة (نكسة67). ولكن الشركات البترولية لم تحمل هذا القرار محمل الجد، ورفضت تطبيقه مما أدى ببوتفليقة، بلعيد، وعلى رأسهم بومدين إلى تأميم كل هذه الشركات مما سمح بالسيطرة على15% من الثروة البترولية.
وقد مكنت هذه الخطوة العملية الخارجية الجزائرية من تحقيق النجاح الديبلوماسي، وعجلت سريعا بالتحاق الجزائر بالمنظمة العربية للبترولopep.
وقد أدار بوتفليقة بنجاح الورقة البترولية خاصة مع الدولتين: الولايات المتحدة الأمريكية، وإنجلترا حيث تمكنت أمريكا بفضل جهود بوتفليقة من الحصول إلى عقد طويل الأمد، حيث تمكنت شركة البازو الأمريكية من الاستفادة من10 ملايير متر مكعب من الغاز سنويا، ولمدة25 سنة مما حيد الموقف الأمريكي تماما، خاصة وأن السياسة في النهاية هي براغماتية (منفعة ومصالح)، تم تمكين الجانب الأمريكي من الحصول على مشروع إنشاء مصنع تمييع الغاز الطبيعي بأرزيو الذي أوكل أمر تمويله للبنك الأمريكي إكزيم بنك.
وبالنسبة للبريطانيين،فقد نجحت الخارجية الجزائرية،ووزارة الطاقة في تخصيص هذا البلد للإقراض مما جعل الموقف البريطاني إيجابيا مع السياسة الجزائرية، رغم حدة الصراع الظاهر.
وهنا لنا أن نتصور الصعوبات الحقيقية التي كانت ستواجهها الجزائر لو لم تعالج الخارجية تداعيات الموقفين الأمريكي والبريطاني. وحتى أثناء قرار التأميم،تمكن بوتفليقة من معالجة مختلف المآخذ التي أثارتها الحكومة الفرنسية بحملتها الإعلامية على قرار التأميم فقد كانت لجولات بوتفليقة في مختلف أنحاء المعمورة الآثار الإيجابية لوقف الحملة الشرسة المتبعة من فرنسا،وبعض شركات الكارتل الدولي الذي تعشش في بداية السبعينات.
وقد تمكن بوتفليقة من المشاركة بفعالية في ندوتي كاركاس وطهران، حيث أمكن لندوة كاركاس أن تؤسس لأول مرة لكارتل جديد هو كارتل المنتجين، بعد أن كان كارتل المستهلكين هو السائد والنافذ.
ندوة كركاس
وخرجت ندوة كاركاس المؤسسة الأولى لعمل منظمة الأوبيك بقرارات شجاعة كان للجزائر فيها نصيب، كرفع الأسعار بأكثر من عشرين مرة، بعد أن ظل البترول لعشرية كاملة لا يساوي سوى(2دولار) وبعض السنتات الصغيرة.
وقد كان لجهود بوتفليقة وبلعيد عبد السلام، وسيد أحمد غزالي الفضل في تمكين الدولة الجزائرية من الوقوف مجددا في وجه الحملة الفرنسية، وأعطوا لشركة سونطراك الأرضية الكافية لاتخاذ أنسب الإجراءات العملية لتصحيح الأوضاع، حيث مكنها قرار التأميم من استعاذة النفوذ على كل قنوات وأنابيب الغاز والسيطرة من51%على المصالح الفرنسية في الجزائر، وهو ما شجعها على البحث، الإنتاج، والتنقيب والاستكشاف، وتحقيق الأرباح السريعة للخزينة، وهو ما دعم المخطط الخماسي 76’71 آنذاك للتنمية الاقتصادية.
وبفضل سونطراك أصبحت الجزائر رغم أنها لم تكن تنتج خلال الستينات سوى40 مليون طن، 12 مليون طن فقط كانت عائداته في حوزة سونطراك، أصبحت من المؤثرين الأساسيين في منظمة الأوبيك،رغم أنها ليست سوى منتجا صغيرا.
تداعيات اتفاقيات ايفيان
وقد أعطت الأداءات السياسية للثلاثي بوتفليقة، بلعيد عبد السلام وسيد أحمد غزالي النجاح الكامل للدبلوماسية الجزائرية للقضاء نهائيا على تداعيات اتفاقية إيفيان، وخاصة ما تعلق منها بالمحروقات.
ولو أننا عقدنا مقارنة صغيرة بين أداء هؤلاء الثلاثة كشركاء متعاونين في بوتقة بومدين، وأداء محمد مصدق في إيران الذي سبق الجزائر في إعلان التأميم على البترول الإيراني (التأميم كان سنة1951) لوجدنا أن أداء الكفاءات الجزائرية كان أفضل، لأن مصدق فشل لأنه لم يملك شركة بترولية وطنية قوية برجال أقوياء كالثلاثة المذكورين، وأعطى غياب شركة إيرانية الفرصة كاملة للشركة البريطانيةanglo-iranniene لإفشال مشروع مصدق للتأميم، وأحال إيران سنوات إلى الهامش.
إن تجربة التأميم أديرت بذكاء دبلوماسي، مما أعطى لها الحجم الوطني والدولي، وقوى من زخم تأثيرها بعد ذلك توالي الأحداث العالمية كاستيلاء حزب البعث في العراق، وانقلاب القذافي على السنوسي في ليبيا، وإعلان الكثير من الدول، لسياسات حمائية لثرواتها الوطنية.
وتمكنت الأوبك من لملمة شؤونها ،والسيطرة بعد ذلك على الشؤون البترولية، حيث فشلت الشركات البترولية في فرض منطقها وأسلوبها، وعادت الأسعار إلى الارتفاع المذهل حتى وصل سعر البرميل الواحد خلال الحرب العربية الإسرائيلية سنة 73 إلى 40 دولار للبرميل الواحد، وهي الأسعار التي شكلت أعلى سقف للإنتاج لم تسجله الدول المصدرة للبترول منذ تأسيسها.
وأنعكس الزخم السياسي لقرار التأميم على العلاقات الدولية حيث فكت ارتباطات قديمة، وبنيت ارتباطات جديدة وأخذ البعد الاقتصادي قيمته الحقيقية في التعامل شمال جنوب والتعاون جنوب جنوب.
وامتدت آثار العملية إلى مجمل الصراعات، الصراع بين الشرق والغرب، وصراع الأقوياء، وصراع النفط…
بعد عشرات السنين
وبعد مرور 30 سنة على هذا الحدث، هل اتضحت الآن بعض الحقائق المغيبة، وهل فكت الطلاسم الحادثة وهل حقاً عرفنا قيمة الرجال الذين عملوا في الظل لترتيب الأوراق والحفاظ على المقدرات الاقتصادية للجزائر في بداية عهدها ؟
أم أن المراهنين على التشكيك سيظلون فاعلين، عندما يطرحون قضية التأميم بعيداً عن إحداثياتها، وسياقاتها مما يحيلها إلى قضية ثانوية لا معنى لها، رغم تنوع الاعتبارات التي رافقتها.
واليوم هاهو بوتفليقة يعود ليرأس الدولة، فهل ستزول التشكيكات المطروحة أم أن التأميم سيظل أيديولوجية سياسية فقط، وليست فعلاً حركياً فاعلاً ؟.
ويبقى السؤال
و يبقى السؤال في ذهن كل مواطن جزائري وخاصة مواطن الجنوب هل كان هذا البترول نعمة أم نقمة على البلاد ؟ وأكثر من هذا هناك من يطرح السؤال وبحدة لماذا أصبح المواطن الجزائري يكره شيئا يسمى بترول...؟
Admin
Admin
المدير
المدير

عدد المساهمات : 972
نقاط : 2426
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

https://chemamin.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى