المدن الرومانية

من طرف **Admin** الخميس نوفمبر 10, 2011 10:10 pm

تمهيد
من المهم أن نلاحظ أن روما أسست عدد قليل من المدن. كانت بالأحرى تستولي على بعضهم و تحول نمطهم إلى النمط الروماني أو تشجع حلفائها على البناء مثلها.
لان الكل كان يريد أن تشبه مدينته أجمل مدينة في ذلك العصر و هي تعتبر مركز العالم ( روما)
كانت روما آنذاك المدينة الأكثر سكانا ( مليون نسمة ) ثم تليها الإسكندرية (أكثر من 50000)
و أنطاكيا ( 50000) ثم أثينا ( 40000) و قرطاجة ( 30000)
أما باقي المدن فكان عدد سكانها يتراوح بين 20 و 30000 ن
كل مدينة كان يحكمها قاضيان ينتخبان لسنة واحدة.
التأسيس:
تأسست المدن الرومانية حسب قواعد محددة , ترسم الخطوط الأساسية ( الكاردو و الديكامانوس ) و هما خطان شاقوليان بالة خاصة ( الغروماla groma ) تشبه للكوس و بها ترسم كل الخطوط و الزوايا القائمة.
" الكاردو: cardo و الديكومانوس: décumanus" هما محورا المدينة : الأول اتجاه شمال جنوب و الثاني شرق غرب.
ترسم الحدود الخارجية لإقليم المدينة بالمحراث و على هذا الخط تبنى فيما بعد الأسوار و أبراج الحراسة و المراقبة.
ووراء هذه الأسوار و على طول الطرقات تشيد المقابر . لان الدفن كان ممنوعا داخل المدينة لأسباب صحية.
العــــــــمران:
إن مخطط المدينة الرومانية مستوحي في اغلب الأحيان من النمط العسكري . و هذا التخطيط يلاحظ قبل دخول المدينة بكثير
خارج المدينة ( قنوات صرف المياه , المقابر , أصوار و اقواص النصر)
قنوات و توزيع المياه:
قبل الوصول إلى المدينة بكثير يلاحظ الزائر القنوات التي تزود أهالي المدن بالماء الصالح للشرب انطلاقا من ينابيع أو وديان تبعد بعدة كلومترات ( حتى 75 كلم ) وهذا يستلزم إنشاء مرافق عمرانية جد متينة تقوم بإنشائها الجيوش. فهي قنوات حجرية تارة تحت الأرض و أخرى تبنى لها جسور متينة.
الأدوات اللازمة لقطع الأحجار على الرسم هي:
من اليسار إلى اليمين:
الكوس
Herminette
قياس المستويات الأفقية
كان الرومان يهتمون ببناء قنوات لسببين:
الأول : توفير الماء للأهالي و الثاني : تقاس عظمة كل إمبراطورية آنذاك بعد وشكل البناء و سائل نقل المياه.
المقابر:
كانت تبنى المقابر الفاخرة أو حتى مجرد قبور خارج المدن لأسباب صحية و لوفرة الأمكنة و لأسباب دينية أيضا.
و الكتابات الموجودة على القبور تحث المسافرين إلى الدخول للمدينة وتجبرهم على تذكر الموتى الذين اثروا في حياتهم : ايجابيا و سلبيا.
في أول الأمر , كان الغالو- رومان يحرقون موتاهم و يضعون رمادهم في أواني و يدفنونها في الأرض
مع الأسلحة , و قطع نقدية , وأواني فخارية , و هذا وفقا مع الديانة الممارسة من طرف الميت . ثم يغطون كل هذا بحجر كبير يكتب عليه اسم الفقيد.
الاصوار:
في الأيام الأولى من السيطرة الرومانية , كانت البناية الاصوار تختبر فخرا , و هدية من الإمبراطور لشكر المدينة على وفائها له .ة تبنى هذه الاصوار لأسباب أمنية و لرسم الحدود
المدن التي كانت لها حدودا محروسة جيدا , بنت الاصوار و غرستها عميقا تحت الأرض لمنع العدو من التغلغل إليها من مستويات أعمق.
اقواص النصر:
حسب أسطورة روما رومولوس مؤسسها قام برسم خط مقدس يحدد به حدود المدينة.
و قرر الروم أن لا يتخطوه و هم حاملين الأسلحة ترجم هذا الخط بعد مرور العصور بالقوس الذي يبنى عادة للفصل بين المدينة عن القرية عند غياب الاصوار و عند وجود الأضرار , يبنى قوص النصر في مدخل المدينة وعادة في المحور شمال جنوب.cardo maximus
قوص النصر على نهاية الكاردو

الطرق و الحدود العسكرية:
الطرق المعبدة من طرف العسكر ( محدبة ) و عرضها 2.50 م و هي الأكثر أهمية في الإمبراطورية الرومانية مقيمة على أرضية من خرسانة داخل المدينة . تحتوي هذه الطرقات على أرصفة مرتفعة قليلا للراجلين عند كل ميل ( 1.478 م ) توضع علامة على الحجر كبير لتوضح عليها المسافات بين المدن , وحتى اسم الشعوب التي تؤدي لها هذه الطريق.
هذه الطرق كانت تمتاز بمنحدرات تساعد الفرسان على امتطاء الأحصنة بسهولة.
و امتازت الطرقات الكبرى بالمحطات استراحة و تحتوي على فنادق و أحصنة للتبديل و ورشات تصليح لتفادي ضياع أي وقت على البريد الإمبراطورية.
الطرقات و الشوارع:
داخل المدينة يتبع النمط الهندسي أي آن تشكل شبكة شاقولية أي أن كل الشوارع تعامد بعضها البعض المحور شمال جنوبcardo maximum الكثير من الشوارع لها نفس الاتجاه و تحمل عادة اسمcardo
المحور شرق غربdécamanus maximum الأرصفة ليست معبدة و تعبيدها على عاتق السكان آن أرادوا.
مواد البناء المستعملة:
استعمل الرومان الحجر المسمى الترافرتين ... لأنه صلب و مقاوم للنيران . أتوا به من تيفولي و استعملوا الطوب الأحمر بكثرة الذي مكنهم من بناء الاقواص لأنه اقل تكلفة , سهل التحضير و الاستعمال
البرثينون و قبته صنعوا من الطوب الأحمر ابتداء من عهد اغوسطس استعمل الروم الرخام لتزيين الاسقفة و الأعمدة و لتغليف بعض المنشآة.
استورد الرخام من شتى دول الإمبراطورية . عند مزجه بالبروفير.... و البازلت و أعطى الرخام مواد متتعددة الألوان في غاية الجمال تفنن الروم في استعمالها لتزيين قصورهم ومبانيهم الرسمية.
المباني:
نمط الأبنية حسب ثروات السكان تتغير البنايات من الفخمة ( الدوموس ) للأغنياء إلى البسيطة و صغيرة , مبنية في عمارات يبلغ طولها 20م أحيانا . تأوي في غالب الأحيان الطبقة الأقل ثراء في المجتمع.
1 - الدوموس( domus ) مسكن الأغنياء:
يسكن الأغنياء إذا في الدوموس و هي عبارة على بيت جميل و مريح , لكي تقي العائلة نفسها من الضجيج و الضوضاء , لا توجد نوافذ تطل على الشارع صاحب المنزل يقوم بكراء الغرف المناوئة للشارع للتجار.
الباب الخارجي, الاستريوم, ( astrium ) مصنوع من الخشب السميك و يغلق بالمفتاح , انه المدخل الوحيد للبيت من الشارع , بعد الباب مباشرة نجد أنفسنا في رواق ضيق يمكن وضع الأمتعة فسيه هذا الرواق يؤدي إلى وسط المسكن و يحمل اسم فوسس( fauces ) .
الدومسdomus
الاتريوم : هي الغرفة المركزية في البيت إنها عبارة عن فناء مربع لدى سقفها فتحة لتسرب المياه الأمطار و يسمى ( الكمبليفيوم) compluvium هذا الماء تخزن في حوض يسمى ( امبلوفيوم) impluvium و هكذا يستهلك السكان الماء مباشرة في ديارهم.
الاتريوم : عبارة أيضا على غرفة للضيوف يستقبل فيها صاحب الدار ضيوفه وشركاؤه.
للأكل يتوجه الروم إلى الغرفة تسمى ( تريكلنوم) triclinum تحوي على 3 أسرة موضوعة على شكل حرفu , حيث يأكل الروم و هم مسترحرخين في أغلبية هذه البيوت , هناك الحدائق داخلية محفوفة بأروقة مسقفة مهيأة بدقة مبردة بنفورات مزينة بأشجار و تماثيل و هذه الحدائق تسمى ( بريستليوم) peristylium
بعض الدور ليس لها اتريوم و لها بريستليوم حول هذه الحدائق توجد الغرف ( كوبيكولاي) cubiculae المطبخ( cocina ) و غرفة الأكل تريكلينوم(triclinum و غرفة تشبه مكتب او الصالون لا يدخله إلا صاحب المنزل التابليوم( tabulium )
كل الدومس يحتوي عل مراحيضla trinea تطل على الشارع لها بابان واحد داخلي لأهل البيت و الأخر يطل على الشارع ليستعمله المارة مقابل بعض المال و في الدوموس الأكثر فخامة نجد حمامات خاصة تسمىthermes
هذه السكنات الفخمة التي يمتلكها الأثرياء في روما تتميز بتزيين رفيع جدا ( موزاييك . رسومات . جداريات)
تمتاز هذه السكنات خاصية أخرى لهذه السكنات حيصث كلما اتجهنا نحو الشمال نجد مدفأة في غرفة ا
لمعيشية و هي عبارة عن تحفة هندسية رائعة.
الانسولاي ( مسكن للفقراء) : insulae
هذه البيانات تحتوي على عدد من الشقق وهي من الطوب الأحمر و تعلو بالعديد من الطوابق غرفهم ضيقة نوعا ما و قليلة الإنارة
لا تدخلها الشمس و تسخن بطريقة تقليدية , الطابق الأول لا يحتوي على المساكن بل فيها دكاكين و حمامات و مراحيض.
الدرج المؤدي إلى الطابق الأول من الحجر و الآخرين من خشب.
و عكس الدوموس كل النوافذ تطل على الخارج و الشارع المليء بالحركة و الضجيج لا يصل الماء إلى الطوابق , يلجأ السكان إلى بياعين الماء . الاكواريوس aquaius
الانسولاي
المرافق العامة
السوق:
يقع السوق في الساحة العمومية في الأيام المشمسة و تحت الفوروم عند هطول الإمطار.
في المدن الكبرى يخصص مقر دائم للسوق ويوجد أحيانا أكثر من سوق واحدة في كل مدينة
الدكاكين:
تؤجر الدكاكين عند أصحاب الدوموس و يديرها سواء عبد معتق او عبد للمالك الحقيقي و هذه الدكاكين لها عدة صلاحيات : تعطى فيها الدروس أطباء أسنان او العيون يباشرون فيها عملياتهم . و يباع فيهم الزيت و الخبز و التوابل و الفواكه و اللحوم....
المدرسة:
المدارس تقام في الدكاكين قريبة من الساحة عندما يكون الطقس جميل تقام الدروس في العراء لم تكن للمعلم قيمة كبيرة و قد يقوم بذلك العبيد المعتقون و الفقراء.
يعلمون الأطفال من 7 الى 11 سنة القراءة و الكتابة أولاد الأغنياء يكملون دراستهم مع النحويين في الجامعة , الأساتذة يعاملون باحترام اكبر و يعتبرون خلفاء للمنجمين يدرسون علم البلاغة و الكلام و هذه العلوم ضرورية للذين يرغبون في ممارسة السياسة.
المعالم:
الساحات العمومية ( الفورم) :forum
الساحات العمومية عبارة عن قلب المدينة وليست بالضرورة مركزها الهندسي . انه قلبها الاقتصادي الاجتماعي الديني و السياسي.
هذا المجال محاط بالأعمدة و البوابات.
تجد في هذه الساحة المباني الايدارية و الدينية مزينة بتماثيل الشخصيات المميزة للمدينة او الإمبراطورية.
سكان المدينة يأتون للفروم للتنزه و النقاش لاقتناء حاجياتهم لاحتفال بالمناسبات.
جزء من الفورم
البازليك:
عبارة عن مبنى مستطيل , و هو المكان الذي تدرس فيه و تناقش فيه كل المسائل التجارية و القضائية.
عند سوء الطقس يقام فيه السوق العام و عند تحسنه يكون المكان ملاذا للمتنزهين.
غرفة النواب : الكوريla curie
هنا تقام اجتماعات النيابة ( الموافق لمجلس الشيوخ ) كل القرارات المهمة التي تخص المدينة تؤخذ هناك.
الانتماء إلى هذه الغرفة يعطي حق المواطنة حسب القانون الروماني.
المعابد:
معابد المدينة لا تطل على الساحة , المعبد الرئيسي يبنى على موقع مرتفع من الساحة أما المذابح و الأضاحي تقام على المذبح أمام المعبد.
في بعض المعابد , هناك ممر للوصول إلى ( التشيللة) la cella و هي عبارة عن منبر يوضع فيه ألاه مثل ( جوبتر , جونو , مينرفه)
الحمامات:
الحمامات عبارة عن أمكنة استرخاء و التثقيف تلعب دورا هاما في الحياة الرومانية و هذه الأماكن مجانية أو بسعر زهيد.
يستقبل الرجال و النساء معا في أوقات مختلفة أو في غرف مختلفة , هذه الحمامات تستعمل للغسيل و للاسترخاء.
يوجد فيها صالات للرياضة , مكتبات , محلات , وحتى مصرح صغير.
تقضي الناس معظم أوقاتهم في هذا المكان الجميل و رفيع التزيين المتكون من تماثيل و نفورات ورخام و مزاييك و تمارس فيه الرياضة و الاستحمام و القرائة و الموسيقى.
يتسلسل الاستحمام بالماء البارد إلى الدفيء ثم الساخن ثم إلى البارد مرة أخرى.
الحمامات
التسلية:
المسرح و الموسيقى:
المسرح عبارة عن هندسة معمارية ضخمة على شكل نصف دائري و به مدرجات , تعرض فيه العديد من التظاهرات : تمثيليات و مسرحيات غنائية و معزوفات موسيقية , هذا المسرح يكون في هواء الطلق و يمكن تغطيته عند سوء الطقس
وفي الاوديون odeon وهو المسرح الصغير تتلى القصائد الشعرية و تقام المحادثات و يكون هذا الإطار أكثر حميمية و المتفرجين ذو مستوى ارفع.
المدرج: amphitheatre
في المدن يوجد مدرجات تستوعب أكثر من 20000 شخص خوفا من أن يكون منطلقا لأي انتفاضة , يبنى هذا الصرح خارج المدينة من بناء منافذ خارجية لإجلاء الجثث لكي لا تدنس الأرض المقدسة في المدينة يجلس المتفرجين في المدرجات حسب مكانتهم الاجتماعية : الأقل شئنا في الأعلى و النبلاء في الأسفل , وكل حين وحين تعاد الدراسة القوائم.
الألعاب التي تقام مهدات من طرف النبلاء أو من أشخاص يسعون للشهرة
ارضية المدرج مغطاة بالرمال اما المبارزات تقام بين الرجال و الحيونات المفترسة كالاسود
و الدببة و الخنازير المتوحشة و الثيران و لكن ما يرغب فيه المتفرجين اكثر هو صراع الغلادياترز
( نزال الموت)
هؤلاء ليسو بالضرورة من العبيد هناك من يريد المبارزة و لن تكن نهايتها الموت كما يعتقد.
المدرج ( المسرح)
السرك:
عبارة عن ارض طويلة جدا , مشيد خارج المدينة مدرجاته من خشب و به 12 إسطبل هنالك 3 مضامير يمارس فيه سباق الخيل و مقامرات عن النتائج.
هناك أيضا مشاهدات رياضيين يمارسون الرياضة كسباق على الارجل او مشاهدة حيوانات مدربة و مبارزات الغلادياتور
الطواحن:
لم يستعمل الروم الطاقة الهوائية ( طاقة الريح ) لتشغيل طواحنهم . بل كانوا يتفننون استعمال الطاقة المائية . و لهذا كل الطزاحين شيدت على الاودية.
كانت هذه الطواحين تستغل لطحن الحبوب.
اسست روما من طرف رومولوس ووضعت لها أسس هندسية ورسمت حدودها و أكملت منشئاتها
ثم بدأت الحروب و استلهم الرومان من أعدائه طرق جديدة للعمران و استغل صناعها و حرفيها لتطوير و تقوية مدينتهم ( روما ) و أصبحت هذه الأخيرة مفخرة في ذلك الوقت : الكل يريد مدينته ان تشبه روما.
و لم تبنى روما الكثير من المدن ولكن كلما سيطرات على مدينة حولتها إلى نمط البناء الروماني و لهذا نجد حول الابيض المتوسط وهو موطن نفوذ الرومان , العديد من المدن التي لا زالت تحافظ على النمط الروماني في فرنسا مثلا ( نيم ) و في تونس ( قرطاج ) و في الجزائر سيرتا ( قسنطينة ) و ستيفيس
( سطيف ) و العاصمة ( اكوسيوم) و شرشال و في سوريا و الأردن و بقاء هذه الآثار إلى حد اليوم يدل على متانة وصرلابة هذا العمران و وجمال الديكورات و الفسيفساء وكل مايدل على ان روما قبل إن تكون إمبراطورية استعمارية غازية و كانت حضارة معمارية و هندسية تستوجب الاهتمام والدراسة.
لم تكن الهندسة المعمارية الرومانية مجحرد استلهام من الهندسة اليونانية, بل كانت لها قوتها الخاصة وطابعها الخاص.
لقد تعلم الرومان الهندسة اليونانية من خلال الحروب التي كانت تشنها على الجيران:
الحروب البونيقية : ( جنوب ايطاليا ) و حروب الشرق عاد مع الجيوش المنتصرة العديد من التحف اليونانية و الهيلينية و معهم مبدعون وفنانون و حرفيون.
تاثرت العمارات الرومانية بالاقواص التي برع فيها اليونان و طوروها و غيروا في مواد البناء مما مكنهم من التحكم في الاسوار العالية و المتينة , حيث استعملوا الاسمنت المسلح بالحجارة لتقوية حماية اسوار مدنهم.
ابتكر الرومان طريقة بناء سريعة و بأقل تكلفةباستعمال الاخشاب لتقوية الجدران الموالية للاقواص و لاعطاء قدرة اكبر لتحمل الاسوار الطويلة و العالية